فِيمَا حَكَاهُ صَاحِبُ الْمَصَادِرِ " عَنْهُ وَصَحَّحَهُ، وَكَذَلِكَ صَحَّحَهُ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْبَيْضَاوِيُّ، وَهَذَا نَظِيرُ الْخِلَافِ السَّابِقِ فِي الْأَمْرِ هَلْ اقْتَضَى الْوُجُوبَ بِصِيغَتِهِ أَوْ بِالشَّرْعِ؟ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ ثَمَّ تَأْتِي هُنَا مِثْلَهُ. وَأَمَّا الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ فَاخْتَلَفُوا هَلْ يَقْتَضِي الصِّحَّةَ وَالْإِجْزَاءَ؟ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهَا، وَإِلَّا يَلْزَمُ ثُبُوتُ الصِّحَّةِ الشَّرْعِيَّةِ فِي جَمِيعِ الْمَنْهِيَّاتِ، وَنَقَلَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ فِيهِ الْإِجْمَاعَ، وَقِيلَ: يَدُلُّ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِهِ يَقْتَضِي انْصِرَافَهُ إلَى الصَّحِيحِ؛ إذْ يَسْتَحِيلُ النَّهْيُ عَنْ الْمُسْتَحِيلِ، وَاخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ فِي مَوَاضِعَ مِنْ الْمُسْتَصْفَى " مَعَ تَصْرِيحِهِ هُنَا بِبُطْلَانِهِ، وَأَطْلَقَ، وَتَابَعَهُ الْآمِدِيُّ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ النَّهْيَ يَدُلُّ عَلَى الصِّحَّةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَنْهِيٍّ، فَقَدْ قَالُوا فِي النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ الْعِيدِ: إنَّهُ يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْهُ لِوَصْفٍ لَا لِعَيْنِهِ، فَإِذَا نَذَرَهُ انْعَقَدَ، فَإِنْ صَامَهُ صَحَّ، وَإِنْ كَانَ مُحَرَّمًا. اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْحَائِضِ بَاطِلَةٌ مَعَ أَنَّ النَّهْيَ عَنْهَا لِوَصْفِهَا بَلْ قَالُوا ذَلِكَ فِي مُخَالَفَةِ الْأَوَامِرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ، فَأَبْطَلُوا صَلَاةَ مَنْ يُحَاذِي الْمَرْأَةَ فِي إتْمَامِهَا جَمِيعًا، فَأَقَامَ وَاحِدٌ، لِمَا ذَكَرُوا مِنْ قَوْلِهِ: «أَخِّرُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَخَّرَهُنَّ اللَّهُ» . وَاتَّفَقُوا عَلَى بُطْلَانِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَصِحَّةِ نِكَاحِ الشِّغَارِ مَعَ أَنَّ النَّهْيَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا لِوَصْفِهِمَا، وَنَقَلَ الدَّبُوسِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الصِّحَّةِ وَأَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِالنَّهْيِ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ عَلَى انْعِقَادِهِ مُحْتَجِّينَ بِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute