للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنَّا بَعْدَ أَنْ قُلْنَا: إنَّهُ بَعْضُ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ فَلَا يَتَحَقَّقُ التَّفَاوُتُ فِيهَا، وَعَنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ يَتَفَاوَتُ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ» . وَقِيَاسُ مَنْ فَسَّرَ الْعَقْلَ بِالْعِلْمِ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي تَفَاوُتِ الْعُلُومِ، وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّهُ إنْ أُرِيدَ الْغَرِيزِيُّ فَلَا يَتَفَاوَتُ، أَوْ التَّجْرِيبِيُّ فَلَا شَكَّ فِي تَفَاوُتِهِ، وَإِلَيْهِ يَمِيلُ كَلَامُ ابْنُ سُرَاقَةَ حَيْثُ قَالَ: هُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: مِنْهُ مَخْلُوقٌ فِي الْإِنْسَانِ، وَمِنْهُ يَزْدَادُ بِالتَّجْرِبَةِ وَالِاعْتِبَارِ، وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ، كَالْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ وَالشَّهْوَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ، وَلِهَذَا يُقَالُ: فُلَانٌ وَافِرُ الْعَقْلِ وَفُلَانٌ نَاقِصُ الْعَقْلِ. الثَّانِي: اخْتَلَفُوا فِي مَحَلِّهِ: فَقِيلَ لَا يُعْرَفُ مَحَلُّهُ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، وَعِنْدَ أَصْحَابِنَا كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ الْقَلْبُ؛ لِأَنَّهُ مَحَلٌّ لِسَائِرِ الْعُلُومِ، وَقَالَتْ الْفَلَاسِفَةُ وَالْحَنَفِيَّةُ: الدِّمَاغُ، وَالْأَوَّلُ: مَنْقُولٌ عَنْ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ، وَالثَّانِي: مَنْقُولٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ حَكَاهُ الْبَاجِيُّ عَنْهُ، وَرَوَاهُ ابْنُ شَاهِينِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَيْضًا.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الرَّأْسِ وَالْقَلْبِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>