وَقَالَ الْأَشْعَرِيُّ: لَك حَاسَّةٌ مِنْهُ نَصِيبٌ، وَهَذَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ قَوْلًا رَابِعًا، وَذَكَرَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي " النِّهَايَةِ " فِي بَابِ أَسْنَانِ إبِلِ الْخَطَأِ: أَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ لِلشَّافِعِيِّ مَحَلُّهُ: وَهَذَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ قَوْلًا خَامِسًا. وَقِيلَ: الصَّدْرُ، وَلَعَلَّ قَائِلَهُ أَرَادَ الْقَلْبَ، وَقِيلَ: هُوَ مَعْنًى يُضِيءُ فِي الْقَلْبِ، وَسُلْطَانُهُ فِي الدِّمَاغِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْحَوَاسِّ فِي الرَّأْسِ. وَلِهَذَا قَدْ يَذْهَبُ بِالضَّرْبِ عَلَى الدِّمَاغِ. حَكَاهُ ابْنُ سُرَاقَةَ. قَالَ: وَقَالَ آخَرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا: هُوَ قُوَّةٌ وَبَصِيرَةٌ فِي الْقَلْبِ مَنْزِلَتُهُ مِنْهُ مَنْزِلَةُ الْبَصَرِ مِنْ الْعَيْنِ، وَنَبَّهَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي " أَدَبِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا " عَلَى فَائِدَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْغَرِيزِيِّ.
أَمَّا التَّجْرِيبِيُّ فَمَحَلُّهُ الْقَلْبُ قَطْعًا. الثَّانِيَةُ: أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ جَوْهَرٌ لَطِيفٌ يُفْصَلُ بِهِ بَيْنَ حَقَائِقِ الْمَعْلُومَاتِ، وَأَنَّ مَنْ نَفَى كَوْنَهُ جَوْهَرًا أَثْبَتَ أَنَّ مَحَلَّهُ الْقَلْبُ، وَقَالَ الْعَبْدَرِيُّ فِي " شَرْحِ الْمُسْتَصْفَى ": الْخِلَافُ فِي أَنَّ الْعَقْلَ مَحَلُّهُ مَاذَا؟ مِمَّا يَلْتَبِسُ عَلَى كَثِيرٍ. فَإِنَّهُمْ إنْ عَنَوْا بِهِ الْقُوَّةَ النَّاطِقَةَ عَلَى مَا يَظْهَرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute