للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّ الْعُمُومَ وَالْخُصُوصَ وَصْفَانِ رَاجِعَانِ إلَى الْعِبَارَاتِ وَالصِّيَغِ، كَقَوْلِهِمْ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ. انْتَهَى. وَأَنْكَرَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ ظُهُورَهُ فِي ذَلِكَ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِجَمَاعَةِ الْأَشْعَرِيَّةِ فِيمَا قَالُوهُ، وَصَرَفَ عُمُومَ النَّفْسِيِّ إلَى عُمُومٍ فِيهَا تَكُونُ الْمَعْلُومَاتُ عَلَى جِهَاتٍ دُونَ جِهَاتٍ. قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَيُقَالُ لَهُ: إنْ أَنْكَرْت وُجُودَ قَوْلٍ فِي النَّفْسِ يَتَضَمَّنُ مَعْنَى الِاسْتِيعَابِ بِنَفْسِهِ وَحَقِيقَةً فَمُسَلَّمٌ، وَأَمَّا إثْبَاتُ قَوْلٍ فِي النَّفْسِ هُوَ خَبَرٌ عَنْ مَعْنَى الْعُمُومِ فَلَيْسَ هُوَ الْمُرَادُ، وَالنِّزَاعُ فِيهِ.

الثَّانِي: هَلْ الْعُمُومُ فِي الْعُمُومِ؟ قَالَ الْمَازِرِيُّ: اخْتَلَفُوا فِي نَحْوِ قَوْلِهِمْ: هَذَا عَطَاءٌ عَامٌّ، هَلْ ذِكْرُ الْعُمُومِ هُنَا حَقِيقَةٌ أَوْ مَجَازٌ؟ قَالَ الْأَكْثَرُونَ مِنْ أَئِمَّةِ الْكَلَامِ: إنَّهُ مَجَازٌ لِكَوْنِ مَا تَنَاوَلَهُ كُلُّ إنْسَانٍ مِنْ الْعَطَاءِ مُخْتَصًّا بِهِ، وَهُوَ غَيْرُ مَا يَتَنَاوَلُهُ صَاحِبُهُ، بِخِلَافِ قَوْله تَعَالَى: {الْمُشْرِكِينَ} فَإِنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ تَتَنَاوَلُ كُلَّ مُشْرِكٍ تَنَاوُلًا وَاحِدًا. وَقِيلَ: حَقِيقَةً، وَالْخِلَافُ فِي هَذَا لَا طَائِلَ تَحْتَهُ.

الثَّالِثِ: هَلْ يُتَصَوَّرُ فِي الْأَحْكَامِ حَتَّى يُقَالَ: حُكْمُ قَطْعِ السَّارِقِ عَامٌّ؟ أَنْكَرَهُ الْقَاضِي، فَإِذَا قِيلَ: حُكْمُ اللَّهِ عَامٌّ فِي قَطْع السَّارِقِ، فَكُلُّ سَارِقٍ يَخْتَصُّ بِمَا وَرَدَ فِيهِ مِنْ الْحُكْمِ، وَأَثْبَتَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَابْنُ الْقُشَيْرِيّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>