للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي إنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّ الْقَطْعَ الَّذِي يَخْتَصُّ بِهِ هَذَا السَّارِقُ لَا يَتَعَدَّاهُ إلَى غَيْرِهِ، فَلَعَلَّهُ تَخَرَّجَ عَلَى الْقَوْلِ بِرُجُوعِ الْأَحْكَامِ إلَى صِفَاتِ النَّفْسِ؛ فَأَمَّا عِنْدَنَا فَالْأَحْكَامُ تَرْجِعُ إلَى قَوْلِ الشَّارِعِ.

وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: الْحَقُّ ابْتِنَاءُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ يَرْجِعُ إلَى قَوْلٍ أَوْ إلَى وَصْفٍ يَرْجِعُ إلَى الذَّاتِ؛ فَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي، لَمْ يُتَصَوَّرْ الْعُمُومُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْأَفْعَالِ، وَإِنْ قُلْنَا: يَرْجِعُ إلَى قَوْلِ اللَّهِ، فَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {وَالسَّارِقُ} يَشْمَلُ كُلَّ السَّارِقِ، فَنَفْسُ الْقَطْعِ فِعْلٌ، وَالْأَفْعَالُ لَا عُمُومَ لَهَا حَقِيقَةً.

الرَّابِعِ: هَلْ يُتَصَوَّرُ فِي الْأَفْعَالِ؟ قَالَ الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّيْمَرِيُّ الْحَنَفِيُّ فِي كِتَابِهِ " مَسَائِلِ الْخِلَافِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ ": دَعْوَى الْعُمُومِ فِي الْأَفْعَالِ لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: وَدَلِيلُنَا أَنَّ الْعُمُومَ مَا اشْتَمَلَ عَلَى أَشْيَاءَ مُتَغَايِرَةٍ، وَالْفِعْلُ لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ.

وَاحْتَجَّ الْخَصْمُ بِقَوْلِهِ: (حُكْمِي عَلَى الْوَاحِدِ حُكْمِي عَلَى الْجَمَاعَةِ) ، دَلَّ عَلَى أَنَّ فِعْلَهُ فِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ يَقْتَضِي تَعَدِّيهِ فِي كُلِّ عَيْنٍ. وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا لَمْ يَعْرِفْ مَوْضِعَ النِّزَاعِ مِنْهُ. انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>