للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي " الْمُعْتَمَدِ ": يُشْبِهُ أَنْ يَكُونُوا جَعَلُوا لَفْظَةَ " مَنْ " حَقِيقَةً فِي الْوَاحِدِ مَجَازًا فِي الْكُلِّ. وَجَعَلُوا بَقِيَّةَ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ حَقِيقَةً فِي جَمْعٍ غَيْرِ مُسْتَغْرِقٍ؛ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يَجْعَلُوا أَلْفَاظَ الْجَمْعِ الْمُعَرَّفِ بِاللَّامِ كَالْمُسْلِمِينَ حَقِيقَةً فِي الْوَاحِدِ مَجَازًا فِي الْجَمْعِ، وَلَفْظُ " كُلِّ وَجَمِيعِ " أَبْعَدُ. [الَّذِينَ قَالُوا لِلْعُمُومِ صِيغَةٌ حَقِيقِيَّةٌ تَخُصُّهُ]

وَالثَّانِي: أَنَّ لَهُ صِيغَةً مَخْصُوصَةً بِالْوَضْعِ حَقِيقَةً، وَتُسْتَعْمَلُ مَجَازًا فِي الْخُصُوصِ، لِأَنَّ الْحَاجَةَ مَاسَّةٌ إلَى الْأَلْفَاظِ الْعَامَّةِ لِتَعَذُّرِ جَمِيعِ الْآحَادِ عَلَى الْمُتَكَلِّمِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لَهَا أَلْفَاظٌ مَوْضُوعَةٌ كَأَلْفَاظِ الْآحَادِ وَالْخُصُوصِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ وَضْعِ اللُّغَةِ الْإِعْلَامُ وَالْإِفْهَامُ كَمَا عَكَسُوا فِي التَّرَادُفِ فَوَضَعُوا لِلشَّيْءِ الْوَاحِدِ أَسْمَاءً مُخْتَلِفَةً لِلتَّوَسُّعِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِمْ. قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ: مَذْهَبُ مَالِكٍ وَكَافَّةِ أَصْحَابِهِ أَنَّ لِلْعُمُومِ صِيغَةً، وَمَنْ يَتَتَبَّعُ كَلَامَهُ فِي " الْمُوَطَّإِ " يَجِدْ مِنْ اسْتِدْلَالِهِ بِالْعُمُومِ كَثِيرًا. قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ بِأَسْرِهِمْ: وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَهُوَ قَوْلُ جَمِيعِ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَبِهِ نَأْخُذُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>