تَحْقِيقُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ الصَّيْرَفِيُّ فِي كِتَابِ " الدَّلَائِلِ وَالْأَعْلَامِ ": زَعَمَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْآيَةَ إذَا وَرَدَتْ ظَاهِرَةً فِي الْعُمُومِ لَا يُقْضَى عَلَيْهَا بِعُمُومٍ وَلَا خُصُوصٍ إلَّا بِدَلِيلٍ مِنْ خَارِجٍ.
قَالَ وَهَذَا الَّذِي قَالَ ضِدَّهُ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ سَوَاءٌ، لِأَنَّهُ الَّذِي قَدْ اشْتَهَرَ بِهِ فِي كُتُبِهِ، وَعِنْدَ خُصُومِهِ أَنَّ الْكَلَامَ عَلَى عُمُومِهِ وَظَاهِرِهِ، حَتَّى تَأْتِيَ دَلَالَةٌ تَقُومُ عَلَى أَنَّهُ خَاصٌّ دُونَ عَامٍّ، وَعَلَى أَنَّهُ بَاطِنٌ دُونَ ظَاهِرٍ. وَقَدْ قَالَ (- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) فِي " الرِّسَالَةِ ": الْكَلَامُ عَلَى عُمُومِهِ وَظَاهِرِهِ حَتَّى تَأْتِيَ دَلَالَةٌ تَدُلُّ عَلَى خُصُوصِهِ.
وَقَالَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ: فَكُلُّ خِطَابٍ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوْ فِي كَلَامِ النَّاسِ فَهُوَ عَلَى عُمُومِهِ وَظُهُورِهِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ دَلَالَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ خَاصٌّ دُونَ عَامٍّ، وَبَاطِنٌ دُونَ ظَاهِرٍ.
ثُمَّ قَالَ: وَإِذَا وَجَدْت خَبَرًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُجْمَلًا، فَهُوَ عَلَى عُمُومِهِ وَظَاهِرِهِ، إلَّا أَنْ يَأْتِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَبَرٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ خَاصٌّ دُونَ عَامٍّ، وَبَاطِنٌ دُونَ ظَاهِرٍ، فَيُسْتَدَلُّ بِذَلِكَ. ثُمَّ قَسَّمَ الْقُرْآنَ وَالْأَخْبَارَ عَلَى ذَلِكَ.
قَالَ: فَثَبَتَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْكَلَامَ مِنْ كُلِّ مُخَاطَبٍ عَلَى مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الِاسْمُ مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ إجْرَاءِ الِاسْمِ عَلَيْهِ دَلِيلٌ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ: " إلَّا أَنْ يَأْتِيَ دَلَالَةً " يَجُوزُ عَلَى نَفْسِهِ اسْتِتَارُ الدَّلِيلِ مِنْ خَبَرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِذَا عَلِمَ صَارَ إلَيْهِ، وَعَلِمَ أَنَّ الْكَلَامَ كَانَ عَامًّا.
ثُمَّ ذَكَرَ الصَّيْرَفِيُّ نُصُوصًا لِلشَّافِعِيِّ كَثِيرَةً صَرِيحَةً فِي ذَلِكَ، بَلْ قَطْعِيَّةٌ فِيهِ، قَالَ: وَالدَّلِيلُ الْقَطْعِيُّ قَائِمٌ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ هُنَا أَنَّ ذَلِكَ مَذْهَبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute