الشَّافِعِيِّ، وَأَنِّي لَمْ أُقَلِّدْهُ فِيهِ، لِقِيَامِ الْبُرْهَانِ عَلَيْهِ، ثُمَّ بَيَّنَ وَجْهَ شُبْهَةِ النَّاقِلِينَ عَنْ الشَّافِعِيِّ الْوَقْفَ، ثُمَّ رَدَّهَا.
ثُمَّ قَالَ: وَلَا يُقَالُ: إنَّ لَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ، لِأَنَّ هَذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ؛ بَلْ الْمَعْرُوفُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ مَا وَصَفْت لَك، مِنْهُمْ: الْمُزَنِيّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَالْبُوَيْطِيُّ، وَالْحُسَيْنُ الْكَرَابِيسِيُّ، وَالْأَشْعَرِيُّ، وَدَاوُد وَسَائِرُ الشَّافِعِيِّينَ.
هَذَا كَلَامُ الصَّيْرَفِيِّ، وَعَجِيبٌ نَقْلُهُ الْقَوْلَ بِالصِّيغَةِ عَنْ الْأَشْعَرِيِّ.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي " الرِّسَالَةِ ": كُلُّ كَلَامٍ كَانَ عَامًّا ظَاهِرًا فَهُوَ عَلَى عُمُومِهِ وَظُهُورِهِ، حَتَّى يُعْلَمَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ بِالْجُمْلَةِ الْعَامَّةِ فِي الظَّاهِرِ بَعْضَ الْجُمْلَةِ دُونَ بَعْضٍ.
وَقَالَ فِي كِتَابِ " أَحْكَامِ الْقُرْآنِ ": قَالَ لِي قَائِلٌ: تَقُولُ الْحَدِيثَ عَلَى عُمُومِهِ وَظُهُورِهِ، وَإِنْ احْتَمَلَ مَعْنًى غَيْرَ الْعَامِّ وَالظَّاهِرِ، حَتَّى يَأْتِيَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ خَاصٌّ دُونَ عَامٍّ، وَبَاطِنٌ دُونَ ظَاهِرٍ؟ قُلْت: فَكَذَلِكَ أَقُولُ.
وَقَالَ فِي كِتَابِ " اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ ": الْقُرْآنُ عَرَبِيٌّ كَمَا وَصَفْت، وَالْأَحْكَامُ فِيهِ عَلَى ظَاهِرِهَا وَعُمُومِهَا، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُحِيلَ مِنْهَا ظَاهِرًا إلَى بَاطِنٍ، وَلَا عَامًّا إلَى خَاصٍّ إلَّا بِدَلَالَةٍ.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: وَهَذَا صَحِيحٌ، الْعُمُومُ عِنْدَنَا لَهُ صِيغَةٌ إذَا أُورِدَتْ مُجَرَّدَةً عَنْ الْقَرَائِنِ دَلَّتْ عَلَى اسْتِغْرَاقِ الْجِنْسِ. هَذَا مَذْهَبُنَا، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، وَدَاوُد وَأَهْلُ الظَّاهِرِ، وَبِهِ قَالَ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ الْجُبَّائِيُّ وَطَائِفَةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute