وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ إذَا وَرَدَتْ فَإِنَّهَا تُحْمَلُ عَلَى أَقَلِّ الْخُصُوصِ حَتَّى يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي قَدْرِ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يُحْمَلُ عَلَى اثْنَيْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ عَلَى ثَلَاثَةٍ، ذَهَبَ إلَى هَذَا جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ. مِنْهُمْ أَبُو هَاشِمٍ وَغَيْرُهُ، وَذَهَبَتْ الْأَشْعَرِيَّةُ إلَى الْوَقْفِ. [الَّذِينَ لَا يُثْبِتُونَ لِلْعُمُومِ صِيغَةً لَفْظِيَّةً]
وَالثَّالِثُ: أَنَّ شَيْئًا مِنْ الصِّيَغِ لَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ وَلَا مَعَ الْقَرَائِنِ، بَلْ إنَّمَا يَكُونُ الْعُمُومُ عِنْدَ إرَادَةِ الْمُتَكَلِّمِ، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْمُرْجِئَةِ، وَنَسَبَ إلَى الْأَشْعَرِيِّ.
قَالَ فِي " الْبُرْهَانِ ": نَقَلَ مُصَنِّفُونَ الْمَقَالَاتِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَالْوَاقِفِيَّةِ أَنَّهُمْ لَا يُثْبِتُونَ لِمَعْنَى الْعُمُومِ صِيغَةً لَفْظِيَّةً، وَهَذَا النَّقْلُ عَلَى الْإِطْلَاقِ زَلَلٌ، فَإِنَّ أَحَدًا لَا يُنْكِرُ إمْكَانَ التَّعْبِيرِ عَنْ مَعْنَى الْجَمْعِ بِتَرْدِيدِ أَلْفَاظٍ مُشْعِرَةٍ بِهِ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ: رَأَيْت الْقَوْمَ وَاحِدًا وَاحِدًا لَمْ يَفُتْنِي مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَإِنَّمَا كَرَّرَ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ قَطْعًا لِتَوَهُّمٍ يَحْسِبُهُ خُصُوصًا، إلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وَإِنَّمَا أَنْكَرَ الْوَاقِفِيَّةُ لَفْظَةً وَاحِدَةً مُشْعِرَةً بِمَعْنَى الْجَمْعِ. انْتَهَى.
وَمَا ادَّعَى فِيهِ الْوِفَاقَ فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ، صَرَّحَ بِهِ فِي كِتَابِ " التَّلْخِيصِ مِنْ التَّقْرِيبِ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute