للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ " فَإِنَّهُ قَالَ: وَعَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْعُمُومَ نَصٌّ فِيمَا تَنَاوَلَهُ مِنْ الْمُسَمَّيَاتِ، وَقَدْ سَمَّى الشَّافِعِيُّ الظَّوَاهِرَ نُصُوصًا فِي مَجَارِي كَلَامِهِ، وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُسَمِّيَ الْعُمُومَ نَصًّا لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْخُصُوصَ، وَلِأَنَّ الْعُمُومَ فِيمَا يَدْخُلُ فِيهِ مِنْ الْمُسَمَّيَاتِ لَيْسَ بِأَرْفَعِ وُجُوهِ الْبَيَانِ، وَلَكِنَّ الْعُمُومَ ظَاهِرٌ فِي الِاسْتِيعَابِ، لِأَنَّهُ يَبْتَدِرُ إلَى الْفَهْمِ، ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ، وَهُوَ الْخُصُوصُ. انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ. فِي الْكَلَامِ عَلَى أَنَّ السَّبَبَ لَا يُخَصَّصُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَامُّ نَصًّا فِي بَعْضِ الْمُسَمَّيَاتِ دُونَ بَعْضٍ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى قَالَ أَصْحَابُنَا: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ الْوَاحِدُ نَصًّا فِي بَعْضِ الْمُسَمَّيَاتِ، وَهِيَ الظَّاهِرَةُ الَّتِي يَقْطَعُ بِكَوْنِهَا مَقْصُودَةَ صَاحِبِ الشَّرْعِ، وَلَا يَجُوزُ تَخْصِيصُهَا وَاسْتَخْرَجَهَا عَنْ مُقْتَضَى الْعَامِّ، وَيَكُونُ ظَاهِرًا فِي الْبَعْضِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودَ الشَّرْعِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَقْصِدَهُ، فَحِينَئِذٍ تَقُولُ: شَمِلَهُ الْعَامُّ وَيَدْخُلُهُ التَّخْصِيصُ. وَفَرَّقَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ بَيْنَ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ وَغَيْرِهَا، فَرَأَى أَنَّ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ تَدُلُّ دَلَالَةً قَطْعِيَّةً وَإِنَّمَا نَقَلَ التَّخْصِيصَ بِنَاءً عَلَى الْقَرَائِنِ، وَرَأَى أَنَّ جَمْعَ الْكَثْرَةِ يَدُلُّ ظَاهِرًا لَا قَطْعِيًّا. وَاخْتَارَ الْغَزَالِيُّ فِي " الْمَنْخُولِ " أَنَّهُ نَصٌّ فِي أَقَلِّ الْجَمْعِ ظَاهِرٌ فِيمَا وَرَاءَهُ؛ وَخَصَّ الْمَازِرِيُّ الْخِلَافَ بِمَا زَادَ عَلَى أَقَلِّ الْجَمْعِ، أَمَّا مَا دُونَهُ فَدَلَالَتُهُ عَلَيْهِ قَطْعِيَّةٌ. وَالْمُخْتَارُ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا أَنَّ دَلَالَتَهُ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الظُّهُورِ، وَإِلَّا لَمَا جَازَ تَأْكِيدُ الصِّيَغِ الْعَامَّةِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى:

<<  <  ج: ص:  >  >>