للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَلِكَ، بَلْ وَقَعَ فِي كَلَامِ مَنْ قَبْلَهُمْ. وَالْمَشْهُورُ: نَعَمْ، وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ أَبُو الْمُظَفَّرِ فِي " الْقَوَاطِعِ " فِي الْكَلَامِ عَلَى اسْتِصْحَابِ الْحَالِ، فَقَالَ: لِأَنَّ لَفْظَ الْعُمُومِ دَالٌّ عَلَى اسْتِغْرَاقِ جَمِيعِ مَا يَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ فِي أَصْلِ الْوَضْعِ فِي الْأَعْيَانِ وَفِي الْأَزْمَانِ، وَفِي أَيِّ عَيْنٍ وُجِدَ ثَبَتَ الْحُكْمُ فِيهَا بِعُمُومِ اللَّفْظِ، هَذَا كَلَامُهُ. وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ فِي " الْمَحْصُولِ " فِي كِتَابِ الْقِيَاسِ حَيْثُ قَالَ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ: قُلْنَا: لَمَّا كَانَ أَمْرًا بِجَمِيعِ الْأَقْيِسَةِ كَانَ مُتَنَاوِلًا لَا مَحَالَةَ لِجَمِيعِ الْأَوْقَاتِ، وَإِلَّا قَدَحَ ذَلِكَ فِي كَوْنِهِ مُتَنَاوِلًا لِكُلِّ الْأَقْيِسَةِ انْتَهَى.

وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ فِي فَتَاوِيهِ " فَإِنَّهُ قَالَ فِيمَا إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ الْحَامِلِ: كُلُّ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فَهُوَ حُرٌّ، أَنَّهُ كَمَا يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى يَشْمَلُ اخْتِلَافَ الْوَقْتِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَعُمَّ، وَيَتَكَرَّرَ. هَذَا لَفْظُهُ.

وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِيمَا إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت: إنْ دَخَلْت الدَّارَ، إنَّهُ لَا يَدِينُ وَإِذَا نَوَى إلَى شَهْرَيْنِ يَدِينُ، فَفَرَّقَ بَيْنَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ.

وَظَاهِرُ كَلَامِ مُجَلِّي فِي " الذَّخَائِرِ " وَالرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ، فَإِنَّهُمَا حَكَيَا وَجْهَيْنِ فِي التَّدْيِينِ فِي " إنْ دَخَلْت الدَّارَ " وَقَالَ الْإِمَامُ: وَلِلْفَقِيهِ نَظَرٌ فِي هَذَا، فَإِنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: إنْ كَلَّمْت زَيْدًا يَتَعَلَّقُ بِالْأَزْمَانِ ظَاهِرًا عَلَى الْعُمُومِ، بِخِلَافِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ، فَإِنَّ اللَّفْظَ لَا يَدُلُّ عَلَى التَّقْيِيدِ، وَتَبِعَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>