الْغَزَالِيُّ حَيْثُ قَالَ: اللَّفْظُ عَامٌّ فِي الْأَزْمَانِ، فَإِذَا قَالَ: أَرَدْت شَهْرًا، فَكَأَنَّهُ خَصَّصَ الْعَامَّ؛ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَدْ تُقَابَلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ، فَيُقَالُ: اللَّفْظُ عَامٌّ فِي الْأَحْوَالِ، إلَّا أَنَّهُ خَصَّصَهُ بِحَالِ دُخُولِ الدَّارِ. انْتَهَى.
لَكِنَّ الْإِمَامَ قَائِلٌ بِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يُنْبِئُ عَنْ الْأَحْوَالِ، وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْأَزْمَانِ عَلَى أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَا عُمُومَ لَهُ أَلْبَتَّةَ، وَإِنَّمَا هُوَ مُطْلَقٌ، وَزَعَمَ الْقَرَافِيُّ أَنَّ الْعَامَّ فِي الْأَشْخَاصِ مُطْلَقٌ فِي الْأَزْمَانِ وَالْبِقَاعِ وَالْأَحْوَالِ وَالتَّعَلُّقَاتِ. فَلَا تَعُمُّ الصِّيغَةُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعِ مِنْ جِهَةِ ثُبُوتِ الْعُمُومِ فِي غَيْرِهَا، حَتَّى يُوجَدَ لَفْظٌ يَقْتَضِي فِيهَا الْعُمُومَ؛ لِأَنَّ الْعَامَّ فِي الْأَشْخَاصِ لَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى خُصُوصِ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ وَلَا مَكَان مُعَيَّنٍ وَلَا حَالَةٍ مَخْصُوصَةٍ، فَإِذَا قَالَ: اُقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ، عَمَّ كُلَّ مُشْرِكٍ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى فَرْدٌ، وَلَا يَعُمُّ الْأَحْوَالَ، حَتَّى لَا يُقْتَلَ فِي حَالِ الْهُدْنَةِ وَالذِّمَّةِ، وَلَا خُصُوصِ الْمَكَانِ، حَتَّى يَدُلَّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِي أَرْضِ الْهِنْدِ مَثَلًا، وَلَا الْأَزْمَانِ حَتَّى يَدُلَّ عَلَى يَوْمِ السَّبْتِ مَثَلًا، وَيُسْتَعْمَلُ كَذَلِكَ فِي دَفْعِ كَثِيرٍ مِنْ الِاسْتِدْلَالَاتِ بِأَلْفَاظٍ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَيُؤَدِّي إلَى بَعْضِ الْأَحْوَالِ الَّتِي اتَّفَقَ عَلَيْهَا الْخَصْمَانِ، فَيُقَالُ: إنَّ اللَّفْظَ مُطْلَقٌ فِي الْأَحْوَالِ، وَقَدْ عَمِلْت بِهِ فِي الصُّورَةِ الْفُلَانِيَّةِ، وَالْمُطْلَقُ يَكْفِي فِي الْعَمَلِ بِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَلَا يَلْزَمُ الْعَمَلَ بِهِ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ. وَقَدْ ارْتَضَاهُ الْأَصْفَهَانِيُّ " فِي شَرْحِ الْمَحْصُولِ " وَفِي كَلَامِ الْآمِدِيَّ فِي مَسْأَلَةِ الِاحْتِجَاجِ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ مَا يُشِيرُ إلَى الْقَوْلِ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ. وَقَدْ رَدَّهَا جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي " شَرْحِ الْعُمْدَةِ " فَقَالَ: وَهَذَا عِنْدِي بَاطِلٌ؛ بَلْ الْوَاجِبُ أَنَّ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْعُمُومُ فِي الذَّوَاتِ مَثَلًا يَكُونُ دَالًّا عَلَى ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي كُلِّ ذَاتٍ تَنَاوَلَهَا اللَّفْظُ، وَلَا يَخْرُجُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute