للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهَا ذَاتٌ إلَّا بِدَلِيلٍ يَخُصُّهُ، فَمَنْ أَخْرَجَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ خَالَفَ مُقْتَضَى الْعُمُومِ، نَعَمْ يَكْفِي فِي الْعَمَلِ بِالْمُطْلَقِ مَرَّةً كَمَا قَالُوا، وَنَحْنُ لَا نَقُولُ بِالْعُمُومِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ مِنْ حَيْثُ الْإِطْلَاقُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا بِهِ مِنْ حَيْثُ الْمُحَافَظَةُ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ صِيغَةُ الْعُمُومِ فِي كُلِّ ذَاتٍ، فَإِنْ كَانَ الْمُطْلَقُ لَا يَقْتَضِي الْعَمَلَ بِهِ مَرَّةً مُخَالَفَةً لِمُقْتَضَى صِيغَةِ الْعُمُومِ، قُلْنَا بِالْعُمُومِ، مُحَافَظَةً عَلَى مُقْتَضَى صِيغَتِهِ، لَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُطْلَقَ يَعُمُّ.

مِثَالُ ذَلِكَ إذَا قَالَ: مَنْ دَخَلَ دَارِي فَأَعْطِهِ دِرْهَمًا، فَمُقْتَضَى الصِّيغَةِ الْعُمُومُ فِي كُلِّ ذَاتٍ صَدَقَ عَلَيْهَا أَنَّهَا دَاخِلَةٌ، فَإِذَا قَالَ قَائِلٌ: هُوَ مُطْلَقٌ فِي الْأَزْمَانِ، وَقَدْ عَمِلْت بِهِ مَرَّةً، فَلَا يَلْزَمُ أَنْ أَعْمَلَ بِهِ أُخْرَى لِعَدَمِ عُمُومِ الْمُطْلَقِ. قُلْنَا لَهُ: لَمَّا دَلَّتْ الصِّيغَةُ عَلَى الْعُمُومِ فِي كُلِّ ذَاتٍ دَخَلَتْ الدَّارَ، وَمِنْ جُمْلَتِهَا الذَّوَاتُ الدَّاخِلَةُ فِي آخِرِ النَّهَارِ، فَإِذَا أَخْرَجْت تِلْكَ الذَّوَاتِ، فَقَدْ أَخْرَجْت مَا دَلَّتْ الصِّيغَةُ عَلَى دُخُولِهِ، وَهِيَ كُلُّ ذَاتٍ.

ثُمَّ اسْتَدَلَّ الشَّيْخُ عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ، فَإِنَّهُ لَمَّا رَوَى قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِبَوْلٍ وَلَا غَائِطٍ» . . . الْحَدِيثَ، أَتْبَعهُ بِأَنْ قَالَ: " فَقَدِمْنَا الشَّامَ، فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ قَدْ بُنِيَتْ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، فَنُحَرِّفُ عَنْهَا، وَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ "، قَالَ. فَإِنَّ أَبَا أَيُّوبَ مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ وَالشَّرْعِ، وَقَدْ اسْتَعْمَلَ قَوْلَهُ: «وَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا» . . . عَامًّا فِي الْأَمَاكِنِ، وَهُوَ مُطْلَقٌ فِيهَا، وَعَلَى مَا قَالَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>