الْكَلَامِ، وَلَمْ يَكِلْهُمْ إلَى نَفْسِ الْكَلَامِ وَظَاهِرِهِ، قَبْلَ الْبَحْثِ عَنْ الْقَرَائِنِ. لَكِنَّهُ نَصَّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَلَى مَا يُخَالِفُهُ. فَيَصِيرُ لَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ، فَذَكَرَ فِي " الْأُمِّ " حَدِيثَ أَبِي أَيُّوبَ بِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ الِاسْتِقْبَالِ بِالْغَائِطِ وَالْبَوْلِ، وَقَالَ: - يَعْنِي أَبَا أَيُّوبَ - بِالْحَدِيثِ جُمْلَةً كَمَا سَمِعَهُ جُمْلَةً. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَ الْحَدِيثَ أَنْ يَقُولَ بِهِ عَلَى عُمُومِهِ وَجُمْلَتِهِ، حَتَّى يُجَدِّدَ دَلَالَةً يُفَرِّقُ مِنْهَا فِيهِ، ثُمَّ مَثَّلَ الدَّلَالَةَ الْمُفَرِّقَةَ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ النَّهْيِ عَنْ الْأَوْقَافِ الْمَكْرُوهَةِ، ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَكَذَا غَيْرُ هَذَا مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ الْعُمُومِ، حَتَّى تَأْتِيَ الدَّلَالَةُ عَنْهُ مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ إجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْمِعُوا عَلَى خِلَافِ سُنَّةٍ أَنَّهُ بَاطِنٌ دُونَ ظَاهِرٍ، وَخَاصٌّ دُونَ عَامٍّ. انْتَهَى. هَذَا لَفْظُهُ، وَذَكَرَ فِي " الرِّسَالَةِ " مِثْلَهُ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ فِي قَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَأَنَّهُ سَمِعَهُ جُمْلَةً، فَقَالَ بِهِ جُمْلَةً. وَقَدْ سَبَقَ فِي مَسْأَلَةِ صِيَغِ الْعُمُومِ نَقَلَ الصَّيْرَفِيُّ مِثْلَ ذَلِكَ عَنْ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ الْكَثِيرَةِ.
وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ فِي كِتَابِهِ: اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ الْعُمُومَ إذَا وَرَدَ وَسَمِعَهُ الْمُكَلَّفُ وَفَهِمَ مَا يَجِبُ، وَجَبَ عَلَيْهِ عَرْضُهُ إذَا أَرَادَ تَنْفِيذَهُ عَلَى مَا يَقْدِرُ مِنْ أَدِلَّةِ الْعُقُولِ وَأُصُولِ الشَّرْعِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ مَا أَوْجَبَ تَخْصِيصَهُ خَصَّهُ بِهِ، وَإِلَّا أَجْرَاهُ عَلَى ظَاهِرِهِ فِيمَا اقْتَضَاهُ لَفْظُهُ، وَهَذَا وَقْفٌ مِنْهُ عَلَى مِقْدَارِ الِاجْتِهَادِ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ جِنْسِ مَا تَقُولُهُ الْوَاقِفِيَّةُ. انْتَهَى.
وَقَالَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ فِي أُصُولِهِ ": إذَا وَرَدَ الْخِطَابُ بِاللَّفْظِ الْعَامِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute