للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْمُقْتَرِحُ: لَا تَنَاقُضَ، لِعَدَمِ تَوَارُدِهِمَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ، فَإِنَّ مَحَلَّ الِاعْتِقَادِ إنَّمَا هُوَ وُجُوبُ الْعَمَلِ بِالْعُمُومِ، وَالتَّجْوِيزُ رَاجِعٌ إلَى تَبَيُّنِ مُرَادِ اللَّفْظِ. انْتَهَى. وَهَذَا بِنَاءٌ مِنْهُ عَلَى أَنَّ الصَّيْرَفِيَّ كَلَامُهُ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ لَا الِاعْتِقَادِ، وَالْإِمَامُ بَنَى اعْتِرَاضَهُ عَلَى أَنَّ كَلَامَ الصَّيْرَفِيِّ فِي الِاعْتِقَادِ، وَقَدْ سَبَقَ تَحْرِيرُهُ.

وَقَالَ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْجَزْمَ بِاعْتِقَادِ الْعُمُومِ إنَّمَا يَلِيقُ بِمَذْهَبِ الْمَانِعِ مِنْ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ، بَلْ التَّنَاقُضُ الْمَذْكُورُ لَازِمٌ لَهُمْ أَيْضًا إلَّا مَنْ لَمْ يُجَوِّزْ سَمَاعَ الْمُكَلَّفِ الْعَامِّ دُونَ الْخَاصِّ، فَإِنَّ التَّنَاقُضَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا يَنْدَفِعُ عَنْهُمْ لَا غَيْرُ، وَهَذَا لِأَنَّهُمْ وَإِنْ أَوْجَبُوا اتِّصَالَ الْمُخَصَّصِ بِالْعَامِّ فِي الْوُرُودِ، لَكِنَّهُمْ لَمْ يُوجِبُوا وُصُولَهُ إلَى مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ الْعَامُّ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَظْهَرَ الْمُخَصَّصُ لِلْمُكَلَّفِ بَعْدَ سَمَاعِ الْعَامِّ، وَإِنْ كَانَا عِنْدَ الْوُرُودِ مُقْتَرِنَيْنِ، وَمَعَ هَذَا الِاحْتِمَالِ وَالتَّجْوِيزِ كَيْفَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَطْعُ بِالْعُمُومِ؟ [الْغَزَالِيُّ يَنْقُلُ الْإِجْمَاعَ عَلَى وُجُوبِ الْبَحْثِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالْعَامِّ]

الْأَمْرُ الرَّابِعُ: قِيلَ: إنَّ الْغَزَالِيَّ خَالَفَ طَرِيقَةَ النَّاسِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ فِي " الْمُسْتَصْفَى ": لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمُبَادَرَةُ إلَى الْحُكْمِ بِالْعُمُومِ قَبْلَ الْبَحْثِ عَنْ الْأَدِلَّةِ الْمُخَصِّصَةِ، لِأَنَّ الْعُمُومَ دَلِيلٌ بِشَرْطِ انْتِفَاءِ الْمُخَصِّصِ، وَالشَّرْطُ بَعْدُ لَمْ يَظْهَرْ، وَكَذَلِكَ كُلُّ دَلِيلٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْمُعَارَضَةُ، وَذَلِكَ كَإِلْحَاقِ الْفَرْعِ بِالْأَصْلِ فِي الْقِيَاسِ، فَالْعِلَّةُ دَلِيلٌ بِشَرْطِ الْعِلْمِ بِنَفْيِ الْفَارِقِ. وَقَدْ تَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ، فَنَقَلَا الْإِجْمَاعَ عَلَى امْتِنَاعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>