لِدُخُولِ قِشْرِهِ، وَإِنْ كَانَ جَمْعًا احْتَمَلَ أَنْ يُرَادَ الْمَجْمُوعُ، كَمَا فِي قَوْلِنَا: كُلُّكُمْ يَكْفِيكُمْ دِرْهَمٌ، وَأَنْ يُرَادَ كُلُّ فَرْدٍ كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «كُلُّكُمْ رَاعٍ» ، وَلِذَلِكَ فَصَّلَهُ بَعْدُ، فَقَالَ: «السُّلْطَانُ رَاعٍ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ» وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي أَكْثَرُ، فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ، وَلَا يَعْدِلُ إلَى الْأَوَّلِ إلَّا بِقَرِينَةٍ. وَإِذَا دَخَلَتْ " كُلُّ " عَلَى مَا فِيهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ وَأُرِيدَ كُلُّ فَرْدٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ جَمْعٌ أَوْ اسْمُ جَمْعٍ كَالْقَوْمِ وَالرَّهْطِ، فَهَلْ نَقُولُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ هُنَا تُفِيدُ الْعُمُومَ عَلَى بَابِهَا، وَ " كُلُّ " تَأْكِيدٌ لَهَا، أَوْ أَنَّهَا لِبَيَانِ الْحَقِيقَةِ، حَتَّى تَكُونَ " كُلُّ " تَأْسِيسًا لِلْعُمُومِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالثَّانِي أَقْرَبُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ " كُلَّ " إنَّمَا تَكُونُ تَأْكِيدًا إذَا كَانَتْ تَابِعَةً، دُونَهَا إذَا كَانَتْ مُضَافَةً. وَقَدْ يُقَالُ: بِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ تُفِيدُ الْعُمُومَ فِي مَرَاتِبَ مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ، وَ " كُلَّ " تُفِيدُ الْعُمُومَ فِي أَجْزَاءِ " كُلٍّ " مِنْ الْمَرَاتِبِ. فَإِذَا قُلْت: كُلَّ الرِّجَالِ، أَفَادَتْ الْأَلِفُ وَاللَّامُ اسْتِغْرَاقَ كُلِّ مَرْتَبَةٍ مِنْ مَرَاتِبِ جَمْعِ الرَّجُلِ، وَأَفَادَتْ " كُلُّ " اسْتِغْرَاقَ الْآحَادِ، فَيَصِيرُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَعْنًى وَهُوَ أَوْلَى مِنْ التَّأْكِيدِ. وَمِنْ هُنَا يَظْهَرُ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي الْمُفْرَدِ، وَالْمُعَرَّفُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ إذَا أُرِيدَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا الْعُمُومُ. وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ السَّرَّاجِ فِي الْأُصُولِ. قُلْت: وَلِهَذَا مَنَعَ دُخُولَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ عَلَى " كُلٍّ "، وَاعْتَرَضَ قَوْلُ النَّحْوِيِّينَ: بَدَلَ الْكُلِّ مِنْ الْكُلِّ، وَلَك أَنْ تَقُولَ: لِمَا لَا يَجُوزُ الدُّخُولُ عَلَى أَنَّ " كُلَّ " مُؤَكِّدَةٌ، كَمَا هُوَ أَحَدُ الِاحْتِمَالَيْنِ عِنْدَهُ فِي الْمَجْمُوعِ الْمُعَرَّفِ.
قِيلَ: وَمِنْ دُخُولِهَا عَلَى الْمُفْرَدِ الْمَعْرِفَةِ قَوْله تَعَالَى: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ} [آل عمران: ٩٣] ، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute