سَأَلَتْكَ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ فِي الدَّارِ لَا أَخَصُّ سُؤَالِي بِنَوْعٍ دُونَ نَوْعٍ، وَالْوَاقِعُ مِنْ ذَلِكَ قَدْ يَكُونُ فَرْدًا أَوْ أَكْثَرَ، فَالْعُمُومُ لَيْسَ بِاعْتِبَارِ الْوُقُوعِ؛ بَلْ بِاعْتِبَارِ الِاسْتِفْهَامِ.
الْأَمْرُ الثَّانِي: قَوْلُ الْفُقَهَاءِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ: إذَا عُلِّقَ الْحُكْمُ بِلَفْظِ " مَنْ " اقْتَضَى مَشْرُوطَهُ مَرَّةً، وَلَمْ يَتَكَرَّرْ الْحُكْمُ بِتَكَرُّرِ الْفِعْلِ، كَمَا لَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ دَارِي فَلَهُ دِرْهَمٌ، وَدَخَلَهَا مَرَّةً وَاحِدَةً اسْتَحَقَّهُ، وَلَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا آخَرَ بِدُخُولِهِ بَعْدَهُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لِنِسَائِهِ: مَنْ دَخَلَتْ مِنْكُنَّ فَهِيَ طَالِقٌ، فَدَخَلَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ مَرَّةً طَلُقَتْ وَاحِدَةً، وَلَمْ تَطْلُقْ بِدُخُولٍ آخَرَ. الْجَوَابُ أَنَّ " مَنْ " وَغَيْرَهَا مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ إنَّمَا تَقْتَضِي عُمُومَ الْأَشْخَاصِ، لَا عُمُومَ الْأَفْعَالِ، فَلِهَذَا لَمْ يَتَعَدَّدْ الطَّلَاقُ لِتَعَدُّدِ الدُّخُولِ، فَإِنَّهَا تَقْتَضِي وُجُودَ الْجَزَاءِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ، أَمَّا التَّكْرَارُ فَلَا تَقْتَضِيهِ، إلَّا أَنَّهُ قَدْ يَتَحَقَّقُ التَّكْرَارُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ بِوَاسِطَةِ قِيَاسٍ، أَوْ فَهْمِ أَنَّ الشَّرْطَ عِلَّةٌ فَإِنَّ الْأَصْلَ تَرْتِيبُ الْحُكْمِ عَلَى عِلَّتِهِ، فَلَزِمَ التَّكْرَارُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ} [فصلت: ٤٦] {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧] أَمَّا الْأَلْفَاظُ الْمَوْضُوعَةُ لِعُمُومِ الْأَفْعَالِ فَهِيَ: " كُلَّمَا، وَمَتَى، وَمَا، وَمَهْمَا "، فَإِذَا عَلَّقَ بِشَيْءٍ مِنْهَا اقْتَضَى التَّكْرَارَ.
وَقَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ: لَوْ قَتَلَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا بَعْدَ صَيْدٍ وَجَبَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا جَزَاءٌ، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ الْجَزَاءَ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ، وَعَلَّقَهُ بِلَفْظِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute