إذَا كَانَ مَوْجُودًا مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْجَمَاعَةِ اسْتَحَقَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَزَاءً كَامِلًا، نَحْوُ مَنْ دَخَلَ دَارِي فَلَهُ دِرْهَمٌ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دِرْهَمٌ، لِأَنَّ الدُّخُولَ مَوْجُودٌ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ مَوْجُودًا مِنْ جَمَاعَتِهِمْ، فَالْجَزَاءُ يُسْتَحَقُّ مِنْ جَمَاعَتِهِمْ دُونَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، كَقَوْلِهِ: مَنْ جَاءَ بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَهُ دِرْهَمٌ، وَمَنْ شَالَ الْحَجَرَ فَلَهُ دِرْهَمٌ، فَإِذَا اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي الْمَجِيءِ بِالْآبِقِ وَشَيْلِ الْحَجَرِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْجَزَاءُ مُسْتَحَقًّا بَيْنَ جَمَاعَتِهِمْ دُونَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. وَاعْلَمْ أَنَّ " مَنْ " تَصْلُحُ لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ وَالْمُفْرَدِ وَالْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعِ؛ لَكِنْ هَلْ الْعُمُومُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمَرَاتِبِ أَوْ فِي الْآحَادِ؟ فِيهِ نَظَرٌ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، قَالَ: وَيَظْهَرُ فِيمَا إذَا قَالَ: مَنْ دَخَلَ دَارِي مِنْ هَؤُلَاءِ فَأَعْطِهِ دِرْهَمًا، فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ دِرْهَمًا، وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ دِرْهَمًا بِدُخُولِهِ وَحْدَهُ، وَنِصْفَ دِرْهَمٍ بِدُخُولِهِ مَعَ الْآخَرِ، وَإِنْ دَخَلَ ثَلَاثَةٌ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يُعْطِيهِمْ ثَلَاثَةً، لِكُلِّ وَاحِدٍ دِرْهَمًا، وَعَلَى الثَّانِي يُعْطِيهِمْ ثَلَاثَةً إلَى الْآحَادِ كُلَّ وَاحِدٍ دِرْهَمًا، وَدِرْهَمًا بِدُخُولِ الثَّلَاثَةِ، لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةٌ، وَثَلَاثَةٌ لِأَنَّ صِفَةَ الِاثْنِينِيَّةِ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ، فَيَسْتَحِقُّونَ بِهَا ثَلَاثَةً، لِكُلٍّ دِرْهَمٌ، فَمَجْمُوعُ مَا يَسْتَحِقُّونَهُ سَبْعَةٌ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ.
(تَنْبِيهٌ) أَطْلَقُوا أَنَّ " مِنْ " لِلْعُمُومِ فِي الْعُقَلَاءِ، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِشَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ الَّذِي دَخَلَتْ عَلَيْهِ صَالِحًا لِكُلِّ فَرْدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute