الِاسْتِغْرَاقَ، قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: سَوَاءٌ جَمْعُ السَّلَامَةِ وَالتَّكْسِيرِ،، كَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ، وَاعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ، وَقَالَ سُلَيْمٌ الرَّازِيَّ فِي " التَّقْرِيبِ ": سَوَاءٌ الْمُشْتَقُّ وَغَيْرُهُ، كَالْمُسْلِمِينَ وَالرِّجَالِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: سَوَاءٌ كَانَ لِلْقِلَّةِ كَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، أَوْ لِلْكَثْرَةِ كَالْعِبَادِ وَالرِّجَالِ، وَحَكَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ فِي " الْمُعْتَمَدِ " عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْجُبَّائِيُّ وَجَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ أَنَّهُ يُفِيدُ الْجِنْسَ لَا الِاسْتِغْرَاقَ، وَحَكَاهُ صَاحِبُ " الْمِيزَانِ " عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْفَارِسِيِّ وَأَبِي هَاشِمٍ. قَالَ: وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُفْرَدِ وَالْجَمْعِ، فَقَالَ: وَفِي الْمُفْرَدِ يُصْرَفُ إلَى مُطْلَقِ الْجِنْسِ مِنْ غَيْرِ اسْتِغْرَاقٍ إلَّا بِدَلِيلٍ.
وَحَكَاهُ الْمَازِرِيُّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَهُوَ غَرِيبٌ، قَالَ: وَقَالُوا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار: ١٤] إنَّهُ يَسْتَوْعِبُ مِنْ حَيْثُ دُخُولُ الْأَلِفِ وَاللَّامِ.
ثُمَّ أَنْكَرَ إلْكِيَا هَذَا وَقَالَ: الْأَلِفُ وَاللَّامُ مَعْنَاهَا فِي لِسَانِ الْعَرَبِ تَعْرِيفُ الْعَهْدِ لَا غَيْرُ، هَكَذَا قَالَ سِيبَوَيْهِ، وَأَنَّ الْأَلِفَ الْأَصْلُ لَمَّا كَانَتْ سَاكِنَةً، وَلَمْ يُتَوَصَّلُ إلَى النُّطْقِ بِهَا، وَأَنَّ حَرْفَ التَّعْرِيفِ هُوَ اللَّامُ، فَثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ عَامًّا وَمُسْتَوْعِبًا بِدُخُولِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ، وَقَدْ كَانَ وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَوْعِبًا قَبْلَ دُخُولِهَا، وَلَوْ كَانَ اللَّامُ مُفِيدًا لِلِاسْتِيعَابِ لَمَا صَحَّ دُخُولُهُ عَنْ الْأَسْمَاءِ الْمُفْرَدَةِ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا يَتَغَيَّرُ بِكَوْنِ الِاسْمِ مُفْرَدًا أَوْ مَجْمُوعًا، كَمَا لَا يَتَغَيَّرُ مَعْنَى سَائِرِ الْحُرُوفِ.
قَالَ: وَلِذَلِكَ زَعَمَ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّ عُمُومَ قَوْله تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} [المائدة: ٣٨] {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [النور: ٢] فِي مَعْنَاهُ، وَهُوَ تَرَتُّبُ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ بِفَاءِ التَّعْلِيلِ، وَهُوَ أَقْرَبُ مِنْ ادِّعَاءِ الْعُمُومِ مِنْ لَفْظِهِ. وَلَعَلَّ إلْكِيَا بَنَى هَذَا عَلَى قَوْلِ أَرْبَابِ الْخُصُوصِ، فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: الصَّحِيحُ أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ لِلْعُمُومِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute