للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَنَا الْجَفَنَاتُ الْغُرُّ يَلْمَعْنَ فِي الضُّحَى ... وَأَسْيَافُنَا يَقْطُرْنَ مِنْ نَجْدَةٍ دَمًا

وَاعْتَرَضَ الْمَازِرِيُّ وَالْإِبْيَارِيُّ عَلَى إمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي اتِّفَاقِ الْأُصُولِيِّينَ عَلَى أَنَّ الْجَمْعَ الْمُعَرَّفَ تَعْرِيفَ الْجِنْسِ يُفِيدُ الْعُمُومَ، وَنَقَلَا الْخِلَافَ فِيهِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ، وَهُوَ غَرِيبٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ، وَإِنَّمَا نُقِلَ فِيهِ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، وَقَدْ سَبَقَ فِي كَلَامِ أَبِي الْحُسَيْنِ مَا يَقْتَضِي رَفْعَ الْخِلَافِ، فَكَلَامُ الْإِمَامِ إذَنْ مُسْتَقِيمٌ.

وَقَالَ بَعْضُ الْجَدَلِيِّينَ: قَدْ قِيلَ إنَّ جَمْعَ الْقِلَّةِ لَا يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ، وَهُوَ مَا يَكُونُ عَلَى وِزَانِ الْأَفْعَالِ كَالْأَبْوَابِ. أَوْ الْفِعْلَةِ كَالصِّبْيَةِ، قَالَ: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَدُلَّ هَذَا عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ، وَلَكِنَّ دَلَالَتَهُ دُونَ جَمْعِ الْكَثْرَةِ، وَاعْتَرَضَ الْأَصْفَهَانِيِّ شَارِحِ " الْمَحْصُولِ " عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ الْمُنَكَّرَ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

الْخَامِسِ: قَالَ الْإِمَامُ أَيْضًا: إنَّ جَمْعَ السَّلَامَةِ مَوْضُوعٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ لِلْقِلَّةِ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي الْكَثْرَةِ، وَكَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ، فَنَظَرُ الْأُصُولِيِّينَ إلَى غَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَنَظَرُ النَّحْوِيِّينَ إلَى أَصْلِ الْوَضْعِ، فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ نَقَلَهُ ابْنُ الصَّائِغِ فِي " شَرْحِ الْجُمَلِ " عَنْ سِيبَوَيْهِ، فَقَالَ: مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ أَنَّ جَمْعَيْ السَّلَامَةِ لِلتَّقْلِيلِ، غَيْرَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأَسْمَاءِ لَا سِيَّمَا الصِّفَاتِ يُقْتَصَرُ مِنْهَا عَلَى جَمْعِ السَّلَامَةِ، وَلِذَلِكَ تُسْتَعْمَلُ فِي الْكَثْرَةِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ، كَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنَاتِ.

وَزَعَمَ ابْنُ خَرُوفٍ أَنَّهُمَا مَوْضُوعَانِ لِلْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، فَإِنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِيهِمَا، وَالْأَصْلُ الْحَقِيقَةُ، وَقَالَ صَاحِبُ " الْبَسِيطِ "

<<  <  ج: ص:  >  >>