فِي الْجَمْعِ قَوْله تَعَالَى: (يَأَيُّهَا النَّاسُ) وَالْمُرَادُ بِهِ كُلُّ الْجِنْسِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ} [النحل: ٨] وَالْمُرَادُ بِهِ الْكُلُّ، وَالْمَعْقُولُ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مُطْلَقَ الْجِنْسِ كَانَ مُسْتَفَادًا قَبْلَ دُخُولِ اللَّامِ، وَلَا بُدَّ لِدُخُولِهَا مِنْ فَائِدَةٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا الِاسْتِغْرَاقَ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ الدَّاخِلَةَ عَلَى اسْمِ الْجِنْسِ، إمَّا أَنْ يَقْصِدَ بِهَا الْعَهْدَ فَلَا إشْكَالَ فِي عَدَمِ عُمُومِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَقْصِدَ بِهَا تَعْرِيفَ اسْمِ الْجِنْسِ فَلَا إشْكَالَ فِي عُمُومِهِ، وَإِمَّا أَنْ يُشْكِلَ الْحَالُ فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْعُمُومِ أَوْ الْعَهْدِ؟ خِلَافٌ، وَالصَّحِيحُ التَّعْمِيمُ، وَإِمَّا أَنْ يَقْصِدَ تَعْرِيفَ الْمَاهِيَّةِ، أَيْ حَقِيقَةَ الْجِنْسِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْأَفْرَادِ، فَهِيَ لِبَيَانِ الْحَقِيقَةِ.
وَمِنْهُ قَوْلُك: الرَّجُلُ أَفْضَلُ مِنْ الْمَرْأَةِ، قَالَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ فِي أُصُولِهِ: هَذَا مِمَّا تَرَدَّدُوا فِيهِ، فَقِيلَ: لِاسْتِغْرَاقِ الْجِنْسِ. وَقِيلَ: لَا وَاخْتَارَ الْإِمَامُ التَّفْصِيلَ بَيْنَ أَنْ يُعَرِّفَ هُنَا بِنَاءً عَلَى تَنْكِيرٍ سَابِقٍ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: اُقْتُلْ رَجُلًا ثُمَّ يَقُولَ: اُقْتُلْ الرَّجُلَ، فَلَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ، فَإِنْ قَالَهُ ابْتِدَاءً فَلِلْجِنْسِ، وَإِنْ لَمْ يَدْرِ هَلْ خَرَجَ تَعْرِيفًا لِنَكِرَةٍ سَابِقَةٍ أَوْ إشْعَارًا بِالْجِنْسِ، فَمَيْلُ الْمُعْظَمِ إلَى أَنَّهُ لِلْجِنْسِ.
وَالْحَقُّ عِنْدَنَا أَنَّهُ مُجْمَلٌ، فَإِنَّهُ مِنْ حَيْثُ يَعُمُّ لَا يَعُمُّ بِصِيغَةِ اللَّفْظِ، بَلْ لِاقْتِرَانِ حَالَةٍ مُشْعِرَةٍ بِالْجِنْسِ، فَإِذَا لَمْ تُوجَدْ لَمْ يُتَّجَهْ إلَى التَّوَقُّفِ، وَإِمَّا أَنْ يَدْخُلَ لِلَمْحِ الصِّفَةِ كَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، أَوْ لِلْغَلَبَةِ كَالنَّجْمِ لِلثُّرَيَّا، فَلَا إشْكَالَ فِي عَدَمِ عُمُومِهَا كَغَيْرِهَا مِنْ الْأَعْلَامِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute