تَنْبِيهَاتٌ
الْأَوَّلُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥] احْتِمَالَانِ عَامًّا وَمُجْمَلًا بَيَّنَتْهُ السُّنَّةُ، وَتَرَدَّدَا بَيْنَهُمَا، وَمِنْ الْعَامِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخَاصُّ، وَعَامًّا فِي كُلِّ بَيْعٍ إلَّا مَا نَهَتْ عَنْهُ السُّنَّةُ.
وَفِيهِ سُؤَالَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَدْ يُشْكِلُ الْفَرْقُ بَيْنَ الِاحْتِمَالِ الْأَخِيرِ وَالْأَوَّلِ.
قَالَ ابْنُ التِّلِمْسَانِيِّ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي الْفَرْقِ: إنَّ الْأَوَّلَ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ لِلشَّارِعِ عُرْفًا فِي الْأَسْمَاءِ، وَإِذَا كَانَ لِلشَّارِعِ عُرْفٌ فِي الْبَيْعِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ فَمَتَى وَرَدَ الِاسْمُ مِنْهُ صُرِفَ إلَى عُرْفِهِ، فَقَوْلُهُ: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥] يَتَنَاوَلُ ذَلِكَ الْمُسَمَّى الشَّرْعِيَّ.
وَيَنْدَرِجُ فِيهِ كُلُّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِهِ الشَّرْعِيَّةِ، وَلَا تَخْصِيصَ فِيهِ وَلَا اسْتِثْنَاءَ، وَأَمَّا الْأَخِيرُ فَعَلَى قَوْلِنَا: إنَّ الشَّارِعَ لَمْ يُغَيِّرْ الْأَسْمَاءَ، وَإِنَّمَا اسْتَعْمَلَهَا فِي مَوْضُوعِهَا اللُّغَوِيِّ، فَيَكُونُ {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥] أَيْ كُلُّ مَا يُسَمَّى بَيْعًا لُغَةً إلَّا مَا نُهِيَ عَنْهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، أَوْ كَانَ فِي مَعْنَاهُ فَهُوَ عَامٌّ بِطَرِيقِ التَّخْصِيصِ إلَيْهِ، ثُمَّ يَتَرَجَّحُ احْتِمَالُ الِاسْتِغْرَاقِ فِي الْآيَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَوَقُّفِهِ، وَأَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ. الثَّانِي: أَنَّ الشَّافِعِيَّ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي آيَةِ الْبَيْعِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ، وَاخْتَلَفَ فِي قَوْلِهِ فِي آيَةِ الزَّكَاةِ وَهِيَ قَوْلُهُ: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣] إلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدِهِمَا: أَنَّهَا عَامَّةٌ خَصَّصَتْهَا السُّنَّةُ. وَالثَّانِي مُجْمَلَةٌ بَيَّنَتْهَا السُّنَّةُ، وَهُمَا مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ وَالتَّعْرِيفِ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَاحِدٌ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُفْرَدٌ مُشْتَقٌّ مُعَرَّفٌ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ، فَإِنْ عَمَّ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ فَلْيَعُمَّ فِي الْآيَتَيْنِ، وَإِنْ عَمَّ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى فَلْيَعُمَّ فِيهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ مِنْ حَيْثُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute