للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّفْظُ وَلَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى. فَلْيَكُنْ ذَلِكَ فِي الْآيَتَيْنِ، مَعَ أَنَّ الصَّحِيحَ فِي آيَةِ الْبَيْعِ الْعُمُومُ، وَفِي آيَةِ الزَّكَاةِ الْإِجْمَالُ.

وَالسِّرُّ فِي ذَلِكَ أَنَّ حِلَّ الْبَيْعِ عَلَى وَفْقِ الْأَصْلِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْأَصْلَ فِي النَّافِعِ الْحِلُّ، وَفِي الْمَضَارِّ الْحُرْمَةُ بِأَدِلَّةٍ شَرْعِيَّةٍ، فَمَهْمَا حُرِّمَ الْبَيْعُ فَهُوَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، وَأَمَّا الزَّكَاةُ فَهِيَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لِتَضَمُّنِهَا أَخْذَ مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إرَادَتِهِ، فَوُجُوبُهَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ.

ثُمَّ الْأَخْبَارُ الْوَارِدَةُ فِي الْبَابَيْنِ نَاظِرَةٌ إلَى هَذَا الْمَعْنَى، فَلِذَلِكَ اعْتَنَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِبَيَانِ الْمَبِيعَاتِ الْفَاسِدَةِ، كَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحُبْلَةِ وَالْمَضَامِينِ وَالْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ وَلَمْ يَعْتَنِ بِبَيَانِ الْمَبِيعَاتِ الصَّحِيحَةِ، وَأَمَّا فِي الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - اعْتَنَى بِبَيَانِ مَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَلَمْ يَعْتَنِ بِبَيَانِ مَا لَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَمَنْ ادَّعَى الزَّكَاةَ فِي شَيْءٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ كَالرَّقِيقِ وَالْخَيْلِ فَقَدْ ادَّعَى حُكْمًا عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ، وَأَمَّا تَرَدُّدُ الشَّافِعِيِّ فِي آيَةِ الْبَيْعِ: هَلْ الْمُخَصِّصُ أَوْ الْمُبَيِّنُ لَهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ دُونَ الزَّكَاةِ؟ فَلِأَنَّهُ عَقَّبَ حِلَّ الْبَيْعِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥] وَالرِّبَا مِنْ أَنْوَاعِ الْبَيْعِ اللُّغَوِيَّةِ، وَلَمْ يُعَقِّبْ الزَّكَاةَ بِشَيْءٍ.

الثَّالِثُ: عَنْ هَذَا الْخِلَافِ نَشَأَ الْخِلَافُ فِي مَعْنَى الْحَمْدِ، فَقَالَ عَامَّةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>