للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفُقَهَاءِ: جَمِيعُ الْمَحَامِدِ لِلَّهِ لِأَنَّ اللَّامَ لِلِاسْتِغْرَاقِ؛ وَقَالَ الْمُعْتَزِلَةُ: مَا يَعْرِفُهُ كُلُّ أَحَدٍ مَنْ الْحَمْدُ بِحَسْبِهِ فَهُوَ لِلَّهِ، لِأَنَّ اللَّامَ لِمُطْلَقِ الْجِنْسِ؛ وَلِهَذَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَمَعْنَاهُ الْإِشَارَةُ إلَى مَا يَعْرِفُهُ كُلُّ أَحَدٍ مِنْ الْحَمْدِ مَا هُوَ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ اللَّامَ فِي الْحَمْدِ عِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ لِلْعَهْدِ، فَذَلِكَ كَلَامٌ بِلَا أَسَاسٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عَنْهُمْ هَذَا النَّقْلُ بَلْ قَالُوا: إنَّ اللَّامَ فِيهِ لِمُطْلَقِ الْجِنْسِ، وَبِهَذَا ظَهَرَ تَقْرِيرُ قَوْلِ الزَّمَخْشَرِيِّ أَنَّ الِاسْتِغْرَاقَ الَّذِي قَالَهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ وَهَمٌ مِنْهُمْ.

الرَّابِعُ حَكَى الْقَرَافِيُّ عَنْ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ أَنَّهُ اسْتَشْكَلَ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ بِقَوْلِ الْقَائِلِ " الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي " فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ الْتِزَامُ أَصْلِ الطَّلَاقِ، وَعَلَى قِيَاسِ الْقَاعِدَةِ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ، وَأَجَابَ بِأَنَّ هَذَا نَقْلٌ عَنْ مُسَمَّاهُ اللُّغَوِيِّ إلَى الْعُرْفِ، فَنَقْلُ الْعُرْفِ الْأَلِفَ وَاللَّامَ عَنْ الْعُمُومِ إلَى حَقِيقَةِ الْجِنْسِ فِي الطَّلَاقِ خَاصَّةٌ لِدَلِيلٍ، وَبَقِيَ عَلَى عُمُومِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ، وَأَجَابَ غَيْرُهُ: بِأَنَّ الطَّلَاقَ حَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ لَا أَفْرَادَ لَهُ، وَلَكِنْ لَهُ مَرَاتِبُ مُشْتَرَكَةٌ فِي قَطْعِ عِصْمَةِ النِّكَاحِ، فَحُمِلَ عَلَى أَدْنَى الْمَرَاتِبِ.

الْخَامِسُ: قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْحُجُرَاتِ: لَامُ الْجِنْسِ تُخَصِّصُ جِنْسًا مِنْ سَائِرِ الْأَجْنَاسِ كَ " لَامِ " الْعَهْدِ تُخَصِّصُ وَاحِدًا مِنْ الْآحَادِ، وَلَا يَكُونُ تَخْصِيصٌ مَا لَمْ يَكُنْ عُمُومٌ أَوْ تَقْدِيرُهُ، فَتَقُولُ: إنْ زَارَك الصَّدِيقُ، أَيْ مَنْ صِفَتُهُ الصَّدَاقَةُ خَاصَّةً دُونَ الْعَدُوِّ، وَمَنْ لَيْسَ بِصَدِيقٍ وَلَا عَدُوٍّ، فَإِنْ نُكِّرَتْ زَالَ هَذَا التَّخْصِيصُ، وَانْقَلَبَ إلَى مَعْنَى الشِّيَاعِ فِي كُلِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>