صَدِيقٍ.
قَالَ: فَقَوْلُنَا: رَجُلٌ فَاسِقٌ هُوَ بَعْضٌ مِنْ شِيَاعِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ إفْرَازُ الْفَاسِقِ مِنْ الْعَدْلِ، وَلَا قَصَدَ إلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا كَانَ يَقْصِدُ إلَيْهِ لَوْ دَخَلَتْ اللَّامُ، فَإِنَّ الَّتِي تُمَيِّزُ الْجِنْسَ مِمَّا سِوَاهُ، وَالصِّفَةُ إنَّمَا تَقْتَضِي الشِّيَاعَ، وَالْكَلَامُ فِي التَّعْرِيفِ وَالتَّنْكِيرِ أَدَقُّ مِنْ الدَّقِيقِ.
وَأَمَّا الْمُثَنَّى فَقَالَ الْقَرَافِيُّ هُوَ كَالْجَمْعِ فِي الْعُمُومِ، ثُمَّ قَالَ: لَا يُفْهَمُ الْعُمُومُ مِنْ إضَافَةِ التَّثْنِيَةِ فِي شَيْءٍ مِنْ الصُّوَرِ سَوَاءٌ كَانَ الْفَرْدُ يَعُمُّ أَمْ لَا فَإِذَا قَالَ: عَبْدَايَ حُرَّانِ لَمْ يَتَنَاوَلْ غَيْرَهُمَا، وَكَذَلِكَ مَالَايَ، فَالْفَهْمُ عَنْ الْعُمُومِ فِي التَّثْنِيَةِ بِخِلَافِ الْجَمْعِ وَالْفَرْدِ. انْتَهَى. وَالْإِضَافَةُ وَالتَّعْرِيفُ سَوَاءٌ، وَكَلَامُهُ الْأَوَّلُ لَا يَجْتَمِعُ مَعَ الثَّانِي وَسَيَأْتِي فِيهِ مَزِيدٌ فِي الْإِضَافَةِ.
تَنْبِيهَاتٌ
الْأَوَّلُ: الْعُمُومُ مِمَّا ذَكَرْنَا مُخْتَلِفٌ، فَالدَّاخِلُ عَلَى اسْمِ الْجِنْسِ يَعُمُّ الْأَفْرَادَ أَعْنِي كُلَّ فَرْدٍ فَرْدٍ، وَالدَّاخِلُ عَلَى الْجَمْعِ يَعُمُّ الْجُمُوعَ، لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ تَعُمُّ أَفْرَادَ مَا دَخَلَا عَلَيْهِ، وَقَدْ دَخَلَا عَلَى جَمْعٍ فَتَفَطَّنْ لَهُ. وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ يَتَعَذَّرُ الِاسْتِدْلَال بِهِ فِي النَّفْيِ وَالنَّهْيِ عَلَى ثُبُوتِ الْحُكْمِ لِفَرْدٍ، لِأَنَّهُ إنَّمَا حَصَلَ النَّفْيُ وَالنَّهْيُ عَنْ كُلِّ فَرْدٍ، وَلَا قَرِينَةَ تَنْفِي كُلَّ فَرْدٍ، وَهَذَا لَا يُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْعُمُومَ مِنْ بَابِ الْكُلِّيَّةِ، لِأَنَّ كُلِّيَّةَ الْجَمْعِ هِيَ أَفْرَادُ الْمَجْمُوعِ لَا كُلُّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ كُلِّ جَمْعٍ.
وَيَنْبَغِي عَلَى مَسَاقِ هَذَا التَّقْدِيرِ أَنْ تَخْتَلِفَ الْجُمُوعُ فَتَشْمَلَ جُمُوعَ الْقِلَّةِ ثَلَاثَةً ثَلَاثَةً، وَلَا تَشْمَلُ جُمُوعُ الْكَثْرَةِ إلَّا أَحَدَ عَشَرَ أَحَدَ عَشَرَ، وَهَذَا التَّقْدِيرُ مُشْكِلٌ عَلَى اسْتِدْلَالِ الْعُلَمَاءِ بِهَذِهِ الصِّيَغِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute