للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُتَعَدِّي إلَى مَفْعُولٍ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُتَعَدِّيًا بِنَفْسِهِ أَوْ بِالْحَرْفِ، سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ الْحَرْفُ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَحِينَئِذٍ فَيَشْمَلُ الْخِلَافُ الْأَفْعَالَ كُلَّهَا، ثُمَّ إنَّهُ أُطْلِقَ الْفِعْلُ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْوَاقِعِ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ أَوْ الشَّرْطِ لَا الْإِثْبَاتِ فَتَفَطَّنْ لَهُ، وَذَكَرَ الْهِنْدِيُّ أَنَّ ذَلِكَ فِي قُوَّةِ نَفْيِ الْمَصْدَرِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِثْلَهُ؛ بَلْ أَنْزَلَ مِنْهُ دَرَجَةً.

وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَعُمُّ كَمَا فِي نَفْيِ الْمَصْدَرِ، مِثْلُهُ قَوْله تَعَالَى: {لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا} [الأعلى: ١٣] {لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} [فاطر: ٣٦] {إِنَّ لَكَ أَلا تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى} [طه: ١١٨] الْآيَةَ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ النَّفْيَ فِي هَذَا وَأَمْثَالِهِ لِلْعُمُومِ، وَأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ أَنَّهُ نَفْيٌ كَمَا لَوْ قَالَ: لَا حَيَاةَ وَلَا مَوْتَ، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ وَلَا يُطَلِّقُ حَنِثَ بِأَيِّ بَيْعٍ كَانَ، وَأَيِّ طَلَاقٍ كَانَ، لِأَنَّهُ لَمْ يُفْهَمْ مِنْهُ إلَّا نَفْيُ أَفْرَادِ هَذَا الْجِنْسِ مِنْ الْبَيْعِ أَوْ الطَّلَاقِ، وَالْأَصْلُ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْحَقِيقَةُ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ نَفْيُ الْفِعْلِ حَقِيقَةً فِي عُمُومِ نَفْيِ جَمِيعِ الْمَصَادِرِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُتَعَدِّيًا وَوَقَعَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ أَوْ الشَّرْطِ، وَلَمْ يُصَرَّحْ بِمَفْعُولِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ دَلَالَةٌ عَلَى مَفْعُولٍ، لَا وَاحِدٍ، وَلَا أَكْثَرَ، فَهَلْ يَكُونُ عَامًّا فِيهَا أَمْ لَا؟ كَمَا إذَا قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَكَلْتُ، أَوْ لَا آكُلُ، أَوْ إنْ أَكَلْتُ فَعَلَيَّ كَذَا، فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ وَأَبُو يُوسُفَ وَغَيْرُهُمْ إلَى أَنَّهُ عَامٌّ فِيهِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَعُمُّ وَاخْتَارَهُ الْقُرْطُبِيُّ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>