بِالِاثْنَيْنِ، قَالَ: وَلَا أَرَى الْفُقَهَاءَ يَسْمَحُونَ بِهَذَا، وَلَا أَرَى لِلنِّزَاعِ فِي أَقَلِّ الْجَمْعِ مَعْنًى إلَّا مَا ذَكَرْته. انْتَهَى.
وَحَكَى الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي أُصُولِهِ الْفَائِدَةَ الثَّانِيَةَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، ثُمَّ قَالَ: وَهَذِهِ فَائِدَةٌ مُزَيَّفَةٌ، لِأَنَّ أَئِمَّتَنَا مُجْمِعُونَ عَلَى جَوَازِ تَخْصِيصِ الْجَمْعِ وَالْعُمُومِ بِمَا هُوَ دَلِيلٌ إلَى أَنْ يَبْقَى تَحْتَهُ وَاحِدٌ؛ انْتَهَى. وَلَعَلَّ هَذِهِ طَرِيقَةٌ قَاطِعَةٌ تَنْفِي الْخِلَافَ، وَإِلَّا فَالْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ مُصَرِّحٌ بِالْخِلَافِ، وَإِنْكَارُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ الْفَائِدَةَ الْأُولَى لَا وَجْهَ لَهُ، ثُمَّ اخْتَارَ فِي الْمَسْأَلَةِ بِنَاءَهَا عَلَى الْقَوْلِ بِالْعُمُومِ، وَرَأَى أَنَّ إفَادَةَ الْجُمُوعِ لِلتَّعْمِيمِ ثَابِتَةٌ عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِ طَبَقَاتِ الْعُمُومِ فِي قُوَّةِ الِاسْتِيعَابِ، وَالْخُرُوجُ عَنْ الْعُمُومِ إلَى قَصْرِهِ عَلَى الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ فِي حُكْمِ الْخِطَابِ وَدَلَالَتِهِ مِنْ قَصْرِهِ عَلَى الْمُحْتَمَلَاتِ، فَاقْتَضَى هَذَا عِنْدَهُ طَلَبَ قُوَّةٍ فِي الْمُخْرِجِ لَهُ عَنْ بَابِهِ، وَتَقْدِيمَ مَا هُوَ الْأَرْجَحُ مِنْ غَيْرِ مَنْعٍ مِنْ الرَّدِّ إلَى الِاثْنَيْنِ.
السَّادِسُ: وَقَعَ فِي عِبَارَةِ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَالْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ أَقَلُّ الْجَمْعِ الْمُطْلَقِ ثَلَاثَةٌ، وَكَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِالْمُطْلَقِ نَحْوَ دَرَاهِمَ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ الْجَمْعِ الْمُقَيَّدِ نَحْوُ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَوْ تِسْعَةٍ أَوْ ثَلَاثَةٍ، فَإِنَّهُ جَمْعٌ وَلَيْسَ بِمُطْلَقٍ فَلَا يَتَنَاوَلُ إلَّا مُقَيِّدَهُ.
فَوَائِدُ: ذَكَرَهَا الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ فِي أُصُولِهِ:
الْأُولَى: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ لَفْظَ الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ لَا يُحْمَلُ عَلَى مَا هُوَ أَكْثَرُ إلَّا بِدَلِيلٍ، وَإِنْ كَانَتْ ظَوَاهِرُ وَرَدَتْ عَلَيْهِ فِي مَعْنَاهُ.
الثَّانِيَةُ: اخْتَلَفُوا فِي مُقَابَلَةِ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] فَقِيلَ إنَّ آحَادَهُ تُقَابِلُ آحَادَهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute