وَقِيلَ بَلْ الْجَمْعُ الْجَمْعَ: فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ الظَّاهِرُ مُوجِبًا تَحْرِيمَ كُلِّ مَنْ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْأُمُومَةِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ. وَالثَّانِي يُوجِبُ تَحْرِيمَ كُلِّ أُمٍّ عَلَى ابْنِهَا، وَيُطْلَبُ فِي تَحْرِيمِهِ عَلَى غَيْرِهِ دَلِيلٌ يَخْتَصُّ بِهِ، قَالَ: وَالظَّاهِرُ مِنْهُ مُقَابَلَةُ الْوَاحِدِ بِالْوَاحِدِ، كَقَوْلِهِمْ: وَصَلَ النَّاسُ دُورَهُمْ، وَحَصَدُوا زُرُوعَهُمْ، ثُمَّ يَكُونُ جَمْعُهُ فِي الْوَاحِدِ بِمَا عَدَاهُ مِنْ الْأَدِلَّةِ.
الثَّالِثَةُ: اخْتَلَفُوا فِي الطَّائِفَةِ، فَقِيلَ كَالْجَمْعِ مُطْلَقُهُ لِثَلَاثَةٍ، وَقِيلَ: لِلْجُزْءِ وَأَقَلُّهُ وَاحِدٌ، وَلَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا، وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ لِمَا سَبَقَ إيضَاحُهُ. نَعَمْ، جَعَلَهَا الْأَصْحَابُ فِي بَابِ اللِّعَانِ أَرْبَعَةً، فَقَالُوا: يُغَلِّظُ الْحَاكِمُ بِحُضُورِ جَمَاعَةٍ أَقَلُّهُمْ أَرْبَعَةٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: ٢] وَفِيهِ إشْكَالٌ، لِأَنَّ ذَلِكَ إنْ كَانَ مِنْ مَدْلُولِ اللَّفْظِ فَمَمْنُوعٌ، لِأَنَّ طَائِفَةً تُطْلَقُ عَلَى الْوَاحِدِ فَأَكْثَرَ، وَإِنْ كَانَ لِأَجْلِ أَنَّهُ زِنًا فَالْإِقْرَارُ بِهِ يَكْفِي فِيهِ رَجُلَانِ عَلَى الصَّحِيحِ.
الرَّابِعَةُ: الضَّمَائِرُ الرَّاجِعَةُ إلَى الظَّاهِرِ تُحْمَلُ عَلَى مَا وُضِعَتْ لَهُ فِي الْأَصْلِ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَقَدِّمُ عَلَيْهَا مُخَالِفًا ثُمَّ تَنَاوَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِدَلِيلٍ عَلَى مُوَافَقَةِ صَاحِبِهِ، كَقَوْلِهِمْ: رَجُلَانِ قَالُوا، وَرِجَالٌ قَالَا، يُحْمَلُ قَوْلُهُ: قَالُوا عَلَى الْجَمْعِ، وَرَجُلَانِ عَلَى التَّثْنِيَةِ فِي ظَاهِرِ الْكَلَامِ، ثُمَّ يُطْلَبُ الدَّلِيلُ الَّذِي يُبَيِّنُ الْمُرَادَ مِنْهُمَا، فَإِنْ قَامَ عَلَى أَنَّ الِاسْمَ يُحْمَلُ عَلَى الْخَبَرِ حُمِلَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَامَ عَلَى أَنَّ الْخَبَرَ يُحْمَلُ عَلَى الْمُبْتَدَأِ صُيِّرَ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ ضَمَائِرُ الْإِنَاثِ، وَالْهَاءُ وَالْمِيمُ كَقَوْلِهِ: رَجُلَانِ قَتَلَهُمْ، أَوْ رِجَالٌ قَتَلَهُمَا: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الِابْتِدَاءُ أَصْلًا وَالْخَبَرُ مُرَكَّبًا عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ مُرَادًا وَالِابْتِدَاءُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يُوَافِقُهُ، وَلَا يُغَيَّرُ أَحَدُهُمَا عَمَّا وُضِعَ لَهُ لِمُوَافَقَةِ صَاحِبِهِ إلَّا بِدَلِيلٍ يُوجِبُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute