للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَعُمُّ، لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ تَخْصِيصَ ذَلِكَ بِهَذِهِ الْعِلَّةِ، لِأَنَّهُ وَقَصَتْ بِهِ نَاقَتُهُ لَا لِمُجَرَّدِ إحْرَامِهِ، أَوْ لِأَنَّهُ عُلِمَ مِنْ نِيَّتِهِ إخْلَاصُهُ، وَغَيْرُهُ لَا يُعْلَمُ مِنْهُ ذَلِكَ. وَاخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ، وَحَكَاهُ عَنْ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عَامٌّ. وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِهِ: هَلْ عَمَّ بِالصِّيغَةِ، أَوْ بِالْقِيَاسِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَحْكِيَّيْنِ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عَامٌّ بِالْقِيَاسِ.

قُلْت: وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي كِتَابِ " التَّقْرِيبِ " لِلْقَاضِي خِلَافَ مَا نَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ عَنْهُ، إذَا طُرِدَتْ الْعِلَّةُ وَلَمْ يُمْكِنْ احْتِمَالُ اخْتِصَاصِ الْعِلَّةِ بِصَاحِبِ الْوَاقِعَةِ فَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ خَاصَّةً بِهِ لَمْ يَعُمَّ، كَقَوْلِهِ: لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا، قَالَ: يُعَمَّمُ بِتَعْمِيمِ ذَلِكَ فِي كُلِّ مُحْرِمٍ، وَفِي الْحَدِيثِ مَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَهُ بِذَلِكَ الْمُحْرِمِ، فَإِنَّهُ عَلَّلَ الْحُكْمَ بِأَنَّهُ يُبْعَثُ مُلَبِّيًا، وَهَذَا مِمَّا لَا نَعْلَمُهُ فِي حَقِّ كُلِّ مُحْرِمٍ، وَكَذَا حَكَاهُ عَنْهُ فِي الْمُسْتَصْفَى.

وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ: يَعُمُّ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «حُكْمِي عَلَى الْوَاحِدِ حُكْمِي عَلَى الْجَمَاعَةِ» وَهُوَ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الصِّيغَةِ، وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ الصَّيْرَفِيِّ أَيْضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>