وَاَلَّذِي وَجَدْته فِي كِتَابِ " الْأَعْلَامِ " إطْلَاقُ ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي كُلِّ مَنْ وُجِدَتْ فِيهِ تِلْكَ الْعِلَّةُ، وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ، وَقَدْ سَأَلَتْهُ عَنْ الِاسْتِحَاضَةِ: «دَعِي الصَّلَاةَ قَدْرَ الْأَيَّامِ الَّتِي كُنْت تَحِيضِينَ فِيهَا، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي» ، قَالَ: فَلَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَهَا بِذَلِكَ الْحُكْمِ؛ بَلْ يَقْتَضِي ثُبُوتَهُ بِذَلِكَ لِذَلِكَ الْمَعْنَى، وَهُوَ الِاسْتِحَاضَةُ حَيْثُ وُجِدَتْ، إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِالتَّخْصِيصِ.
وَذَهَبَ حُذَّاقُ الْحَنَابِلَةِ إلَى أَنَّهُ يَعُمُّ بِاللَّفْظِ لَا بِالْقِيَاسِ، حَتَّى إنَّهُمْ حَكَمُوا بِكَوْنِ الْعِلَّةِ الْمَنْصُوصَةِ يُنْسَخُ بِهَا كَمَا يُنْسَخُ بِالنُّصُوصِ وَالظَّوَاهِرِ مَعَ مَنْعِهِمْ مِنْ النَّسْخِ بِالْقِيَاسِ، ذَكَرَ هَذَا غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنْهُمْ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرُهُمْ. تَنْبِيهٌ [إذَا عَلَّقَ غَيْرُ الشَّارِعِ حُكْمًا فِي وَاقِعَةٍ عَلَى عِلَّةٍ]
هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى كَلَامِ الشَّارِعِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ لَوْ قَالَ وَلَهُ عَبِيدٌ: أَعْتَقْتُ هَذَا الْعَبْدَ، لِأَنَّهُ أَبْيَضُ، فَلَا يُعْتَقُ الْبَاقُونَ، قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقِهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ، فَفَرَّقَ بَيْنَ وُقُوعِ الْعِلَّةِ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ حَيْثُ تَعُمُّ، وَبَيْنَ وُقُوعِهَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ فَلَا تَعُمُّ. قَالَ: وَلِذَلِكَ إذَا قَالَ الشَّارِعُ: لَا تَأْكُلْ الرُّءُوسَ، وَجَبَ أَنْ لَا يَأْكُلَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الرَّأْسِ، وَلَوْ قَالَ غَيْرُهُ: وَاَللَّهِ لَا أَكَلْتَ الرُّءُوسَ انْصَرَفَ ذَلِكَ إلَى الْمَعْهُودِ، انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute