للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَجَابَ الْهِنْدِيُّ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَيْسَ مُرَادُ الشَّافِعِيِّ احْتِمَالَ لَفْظِ الْحِكَايَةِ لِتِلْكَ الْحَالَةِ، وَإِنْ فُرِضَ أَنَّ الْمَسْئُولَ عَالِمٌ بِأَنَّ تِلْكَ الْحَالَةَ غَيْرُ مُرَادَةٍ لِلسَّائِلِ، إمَّا لِعِلْمِهِ بِأَنَّ الْقَضِيَّةَ لَمْ تَقَعْ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ أَوْ لِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْحَالَةَ غَيْرُ مُرَادَةٍ لَهُ، بَلْ الْمُرَادُ مِنْهُ احْتِمَالُ وُقُوعِ تِلْكَ الْقَضِيَّةِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ عِنْدَ الْمَسْئُولِ مَعَ احْتِمَالِ اللَّفْظِ إيَّاهَا، وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَسْقُطُ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ الِاحْتِمَالِ.

قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ: وَقَدْ وَافَقَنَا أَهْلُ الرَّأْيِ عَلَى هَذَا فِي غُرَّةِ جَنِينِ الْحُرَّةِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْجَبَ فِيهِ غُرَّةً عَبْدًا أَوْ أَمَةً، وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْهُ: هَلْ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى؟ فَلَمَّا تَرَكَ التَّفْصِيلَ فِيهِ دَلَّ عَلَى التَّسْوِيَةِ فِيهِمَا. انْتَهَى.

وَلِذَلِكَ اسْتَدَلُّوا لِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ لِلِاسْتِحَاضَةِ بِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ «لِتَنْظُرْ عَدَدَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ مِنْ الشَّهْرِ، فَلْتَتْرُكْ الصَّلَاةَ بِقَدْرِهَا» قَالُوا: فَأُطْلِقَ الْجَوَابُ بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْصَالٍ عَنْ أَحْوَالِ الدَّمِ مِنْ سَوَادٍ وَحُمْرَةٍ وَغَيْرِهِمَا، فَدَلَّ هَذَا عَلَى اعْتِبَارِ الْعَادَةِ مُطْلَقًا وَتَقْدِيمِهِ عَلَى التَّمْيِيزِ وَأَصْحَابُنَا اسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا: «إنَّ دَمَ الْحَيْضِ أَسْوَدُ يُعْرَفُ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنْ الصَّلَاةِ» فَأُطْلِقَ اعْتِبَارُ التَّمْيِيزِ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْصَالٍ لَهَا، هَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>