قَالَ: وَمِثْلُهُ الْمُحْرِمُ الَّذِي وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ، فَيُحْتَمَلُ التَّخْصِيصُ بِهِ، وَيُحْتَمَلُ الْعُمُومُ فِي غَيْرِهِ، وَلَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا يُرَجِّحُ أَحَدَهُمَا، فَيَسْقُطُ الِاسْتِدْلَال عَلَى التَّعْمِيمِ فِي حَقِّ كُلِّ مُحْرِمٍ. هَذَا كَلَامُهُ.
وَهَذَا الْجَمْعُ يُخَالِفُ طَرِيقَةَ الشَّافِعِيِّ، يَقُولُ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بِالْعُمُومِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ بِالْقِيَاسِ كَمَا سَبَقَ، وَلَيْسَ فِي هَذَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ مَا يَبِينُ بِهِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَقَامَيْنِ، لِأَنَّ غَالِبَ وَقَائِعِ الْأَعْيَانِ - الشَّكُّ وَاقِعٌ فِيهَا فِي مَحَلِّ الْحُكْمِ
وَالصَّوَابُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا مَا ذَكَرَهُ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي " شَرْحِ الْمَحْصُولِ " وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْإِلْمَامِ وَغَيْرُهُمَا، أَنَّ الْقَاعِدَةَ الْأُولَى فِي تَرْكِ اسْتِفْصَالِ الشَّارِعِ الِاسْتِدْلَال فِيهَا بِقَوْلِ الشَّارِعِ وَعُمُومٌ فِي الْخِطَابِ الْوَارِدِ عَلَى السُّؤَالِ عَنْ الْوَاقِعَةِ الْمُخْتَلِفَةِ الْأَحْوَالِ، وَالْعِبَارَاتُ الثَّانِيَةُ فِي الْفِعْلِ الْمُحْتَمَلِ وُقُوعُهُ عَلَى وُجُوهٍ مُخْتَلِفَةٍ، فَهِيَ فِي كَوْنِ الْوَاقِعَةِ نَفْسِهَا لَمْ يُفَصَّلْ، وَهِيَ تَحْتَمِلُ وُجُوهًا يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ بِاخْتِلَافِهَا فَلَا عُمُومَ لَهُ كَقَوْلِهِ: صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ أَوْ فَعَلَ فِعْلًا لِتَطَرُّقِ الِاحْتِمَالِ إلَى الْأَفْعَالِ وَالْوَاقِعَةُ نَفْسُهَا لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ، وَكَلَامُ الشَّارِعِ حُجَّةٌ لَا احْتِمَالَ فِيهِ.
الرَّابِعُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِسُقُوطِ الِاسْتِدْلَالِ فِي وَقَائِعِ الْأَعْيَانِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعُمُومِ إلَى أَفْرَادِ الْوَاقِعَةِ لَا سُقُوطُهُ مُطْلَقًا فَإِنَّ التَّمَسُّكَ بِهَا فِي صُورَةٍ مَا مِمَّا يُحْتَمَلُ وُقُوعُهَا عَلَيْهِ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ، وَهَكَذَا الْحَدِيثُ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ، مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ وَلَا سَفَرٍ» ، فَإِنَّ هَذَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ فِي مَطَرٍ وَأَنَّهُ كَانَ فِي مَرَضٍ وَلَا عُمُومَ لَهُ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ، فَلِهَذَا حَمَلُوهُ عَلَى الْبَعْضِ، وَهُوَ الْمَطَرُ، لِمُرَجِّحِ لِلتَّعْيِينِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute