كَانَ بِصِفَةٍ فَذَاكَ وَإِلَّا فَهُوَ سَلْبٌ عَنْ مُسَمَّى الْمَعْلُوفِ، فَيَلْزَمُ انْتِفَاءُ الْوُجُوبِ عَنْ كُلِّ أَفْرَادِ الْمَعْلُوفَةِ لِمَا بَيَّنَّاهُ مِنْ أَنَّ الْمَسْلُوبَ عَنْ الْأَعَمِّ مَسْلُوبٌ عَنْ كُلِّ أَفْرَادِهِ. وَأَمَّا إنْ كَانَ مَحَلُّ النُّطْقِ نَفْيًا كَقَوْلِهِ: «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ» ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي انْتِفَاءَ الْحُكْمِ عَنْ الْمُخَالِفِ، وَهُوَ النَّفْيُ، فَيَكُونُ الثَّابِتُ لِلْمُخَالِفِ إثْبَاتًا، فَإِنَّ مُطْلَقَ الْحُكْمِ فِي السَّوْمِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْعُمُومُ، كَمَا أَنَّ الْعُمُومَ لَهُ صِيَغٌ مَخْصُوصَةٌ لَا كُلُّ صِيغَةٍ، فَإِذَا كَانَ بَعْضُ الْأَلْفَاظِ الْمَنْطُوقِ بِهَا لَا يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ إذَا كَانَتْ فِي جَانِبِ الْإِضَافَةِ، فَمَا ظَنُّك بِمَا لَا لَفْظَ فِيهِ أَصْلًا؟ وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ مُقْتَضَى الْمَفْهُومِ أَنْ يَدُلَّ عَلَى الْعُمُومِ فِي مِثْلِ هَذَا، احْتَاجَ إلَى دَلِيلٍ.
وَقَوْلُ الْإِمَامِ: وَمَتَى جَعَلْتَهُ حُجَّةً لَزِمَ انْتِفَاءُ الْحُكْمِ عَنْ جُمْلَةِ صُوَرِ انْتِفَاءِ الصِّفَةِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلتَّخْصِيصِ فَائِدَةٌ. مَمْنُوعٌ، لِأَنَّا إذَا عَلَّقْنَا الْحُكْمَ بِالْمُسَمَّى الْمُطْلَقِ كَانَتْ فَائِدَةُ الْمَفْهُومِ حَاصِلَةً فِي بَعْضِ الصُّوَرِ ضَرُورَةً، فَلَا يَخْلُو الْمَفْهُومُ مِنْ فَائِدَةٍ، وَفِي مِثْلِ هَذَا يَتَوَجَّهُ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ، قَالَ: فَهَذِهِ مَبَاحِثُهُ يُنْظَرُ فِيهَا، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَقُولُ: فَقَدْ نَأْخُذُ عُمُومَ الْأَحْكَامِ فِي أَفْرَادِ الْمُخَالِفِ مِنْ أَمْرٍ خَارِجٍ عَنْ دَلَالَةِ الْمَفْهُومِ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ الْإِجْمَاعُ قَائِمًا عَلَى عَدَمِ اقْتِرَانِ الْأَحْكَامِ، أَوْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي الْمُخَالِفِ ثَابِتًا لِمَعْنًى مَفْهُومٍ لَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ الْمَعْنَى بِبَعْضِ الْأَفْرَادِ دُونَ بَعْضٍ.
وَقَالَ الْإِبْيَارِيُّ فِي " شَرْحِ الْبُرْهَانِ ": الْقَائِلُ بِأَنَّ لِلْمَفْهُومِ عُمُومًا مُسْتَنَدُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ: فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ الزَّكَاةُ، فَقَدْ تَضَمَّنَ ذَلِكَ قَوْلًا آخَرَ، وَهُوَ لَا زَكَاةَ فِي الْمَعْلُوفَةِ وَهُوَ لَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ لَكَانَ عَامًّا، وَالْمَقْصُودُ أَنَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute