بِذَلِكَ لِاعْتِقَادِهِمَا أَنَّ حُكْمَهُ عَلَى الْوَاحِدِ حُكْمُهُ عَلَى الْجَمِيعِ، وَأَنَّهُ عَلَّقَ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ، وَذَلِكَ يُوجِبُ التَّعْمِيمَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» بِدُونِ قَضَى، فَيَجِبُ التَّعَلُّقُ بِهِ حِينَئِذٍ.
وَفِي " الْمُسْتَصْفَى " فِي " بَابِ السُّنَّةِ " أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ (أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَذَا، أَوْ نَهَى عَنْ كَذَا) قِيلَ: إنَّهُ أَمْرٌ لِجَمِيعِ الْأُمَّةِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَنْ يَقُولُ بِصِيغَةِ الْعُمُومِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَوَقَّفَ فِي هَذَا، إذْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَا سَمِعَهُ أَمْرًا لِلْأُمَّةِ، أَوْ لِطَائِفَةٍ، أَوْ لِشَخْصٍ بِعَيْنِهِ، فَيَتَوَقَّفُ فِيهِ عَلَى الدَّلِيلِ، لَكِنْ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ أَمْرَهُ لِلْوَاحِدِ أَمْرٌ لِلْجَمَاعَةِ، إلَّا إذَا كَانَ لِوَصْفٍ يَخُصُّهُ مِنْ سَفَرٍ أَوْ حَيْضٍ، كَقَوْلِنَا: أُمِرْنَا إذَا كُنَّا مُسَافِرِينَ. نَعَمْ، إنْ عُلِمَ مِنْ عَادَةِ الصَّحَابِيِّ أَنَّهُ لَا يُطْلِقُهُ إلَّا فِي أَمْرِ الْأُمَّةِ حُمِلَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ أَمْرًا لَهُ وَلِلْأُمَّةِ وَلِطَائِفَةٍ.
وَقَالَ شَارِحُهُ الْعَبْدَرِيُّ مَنْ قَالَ: إنَّهُ عَامٌّ فَبَاطِلٌ، لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمَفْعُولِ بِصِيغَتِهِ، بَلْ بِمُقْتَضَاهُ، وَالْمُقْتَضَى لَا عُمُومَ لَهُ.
الثَّالِثَةُ: أَنْ يُورَدَ الْفِعْلُ بِصِيغَةِ " كَانَ " فَهَلْ هُوَ عَامٌّ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ حَكَاهُمَا الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَابْنُ بَرْهَانٍ. وَصَحَّحَ الشَّيْخُ أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ، لِأَنَّهُ وَإِنْ اقْتَضَى التَّكْرَارَ إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّكْرَارُ عَلَى صِيغَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يُشَارِكُهَا فِيهَا سَائِرُ الصِّفَاتِ، فَأَمَّا إذْ قِيلَ: كَانَ يَفْعَلُ، كَقَوْلِهِ: «كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ» ، فَهَذَا يَحْتَمِلُ الْعُمُومَ، لِخُرُوجِ الْكَلَامِ مَخْرَجَ تَكْرَارِ الْأَفْعَالِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ يَفْعَلُ مَا يَلْزَمُهُ اسْمُ الْجَمْعِ فِي حَالَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ، قَالَ: وَمَا هُوَ بِالْبَيِّنِ أَيْضًا.
وَفَصَلَ ابْنُ بَرْهَانٍ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْأُمُورِ الَّتِي تَشِيعُ، وَلَا تَبْقَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute