بَعْضٍ، فَدَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ فِي بَعْضِ الْمَالِ دُونَ بَعْضٍ.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَهُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ " الرِّسَالَةِ " فَقَالَ عَقِبَ ذِكْرِ هَذِهِ الْآيَةِ: إلَّا أَنْ يَخْتَصَّ بِدَلَالَةٍ مِنْ السُّنَّةِ، وَلَوْلَا دَلَالَةُ السُّنَّةِ لَكَانَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ أَنَّ الْأَمْوَالَ كُلَّهَا سَوَاءٌ، وَأَنَّ الزَّكَاةَ فِي جَمِيعِهَا لَا فِي بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ. وَنُقِلَ عَنْ نَصِّهِ أَيْضًا فِي " الْبُوَيْطِيِّ " نَحْوُهُ، وَلِهَذَا احْتَجَّ بِهَا أَصْحَابُنَا عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي مَالِ التِّجَارَةِ، وَعَلَى أَخْذِ الشَّاةِ الصَّغِيرَةِ مِنْ الصِّغَارِ، وَاللَّئِيمَةِ مِنْ اللِّئَامِ وَنَحْوِهِ. لَكِنَّهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ جَعَلَهَا مِنْ الْمُجْمَلِ الْمُبَيَّنِ بِالسُّنَّةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣] . وَذَهَبَ الْكَرْخِيُّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ إلَى أَنَّهُ يَقْتَضِي أَخْذَ صَدَقَةٍ وَاحِدَةٍ وَنَوْعٍ وَاحِدٍ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، لِأَنَّ " مِنْ " لِلْبَعْضِ الْمُطْلَقِ، وَالْوَاحِدَةُ مِنْ الْجَمِيعِ يَصْدُقُ عَلَيْهَا. وَتَوَقَّفَ الْآمِدِيُّ فَقَالَ فِي آخِرِ الْمَسْأَلَةِ: وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمَسْأَلَةُ مُحْتَمَلَةٌ، وَمَأْخَذُ الْكَرْخِيِّ دَقِيقٌ. كَذَا نَقَلَهُ ابْنُ بَرْهَانٍ وَغَيْرُهُ عَنْ الْكَرْخِيِّ، وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيَّ، عَنْ شَيْخِهِ أَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ أَنَّهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ يَقْتَضِي عُمُومَ وُجُوبِ الْحَقِّ فِي سَائِرِ أَصْنَافِ الْأَمْوَالِ وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ أَيْضًا، وَهُوَ الصَّوَابُ فِي النَّقْلِ عَنْهُ.
وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْأَمْوَالَ جَمْعٌ مُضَافٌ، وَهُوَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ، وَالْمَعْنَى: خُذْ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً: وَاعْتَرَضَ الْمُخَالِفُ بِأَنَّ مِثْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute