للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذِهِ الصِّيغَةِ لَا تَقْتَضِي التَّعْمِيمَ، لِأَجْلِ " مِنْ " وَأَجَابَ الْقَرَافِيُّ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعَلُّقِهَا بِمَحْذُوفٍ صِفَةِ الصَّدَقَةِ، وَالتَّقْدِيرُ: كَائِنَةً أَوْ مَأْخُوذَةً مِنْ أَمْوَالِهِمْ، بَلْ مِنْ بَعْضِ أَمْوَالِهِمْ، وَهُوَ خُصُوصٌ، مَعَ أَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ، لِأَنَّ مَعْنَى كَائِنَةٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ أَنْ لَا يَبْقَى نَوْعٌ مِنْ الْمَالِ إلَّا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ، وَهَذَا هُوَ بَيَانُ الْعُمُومِ.

هَذَا هُوَ الَّذِي لَحَظَهُ الشَّافِعِيُّ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ الَّذِي هُوَ " مِنْ أَمْوَالِهِمْ " إنْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ: " خُذْ "، فَالْمُتَّجَهُ قَوْلُ الْكَرْخِيِّ، لِأَنَّ التَّعَلُّقَ مُطْلَقٌ، وَالصَّدَقَةَ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ، فَيَحْصُلُ الِامْتِثَالُ بِصَدَقَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ: " صَدَقَةً "، فَيَقْوَى قَوْلُ الْجُمْهُورِ، لِأَنَّ الصَّدَقَةَ إنَّمَا تَكُونُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ إذَا كَانَتْ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُعْتَبَرُ دَلَالَةَ الْعُمُومِ فِي أَمْوَالِهِمْ وَأَنَّهَا كُلِّيَّةٌ، فَالْوَاجِبُ حِينَئِذٍ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَمْوَالِ عَمَلًا بِمُقْتَضَى الْعُمُومِ، وَلَا نَظَرَ إلَى تَنْكِيرِ صَدَقَةٍ، لِأَنَّهَا مُضَافَةٌ إلَى الْأَمْوَالِ سَوَاءٌ قِيلَ إنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِخُذْ أَوْ بِصَدَقَةٍ، وَإِنْ اُعْتُبِرَ لَفْظُ " صَدَقَةً " وَأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ فَلَا عُمُومَ لَهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ أَيْضًا. تَنْبِيهَاتٌ

أَحَدُهَا: يَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ أَنَّ كُلَّ صِنْفٍ اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ فَلِلْقَائِلِ بِالْعُمُومِ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، وَهُوَ نَظِيرُ الْخِلَافِ فِي قَوْلِهِ: (وَآتُوا الزَّكَاةَ) فِي أَنَّهَا عَامَّةٌ أَوْ مُجْمَلَةٌ.

الثَّانِي: هَلْ الزَّكَاةُ اسْمٌ لِلْعَيْنِ أَوْ الْفِعْلِ؟ خِلَافٌ حَكَاهُ الْجَاجَرْمِيُّ: فِي رِسَالَتِهِ فِي الْأُصُولِ، فَقِيلَ اسْمٌ لِلْعَيْنِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:

<<  <  ج: ص:  >  >>