للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَنَاوَلُهُمَا بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} [النساء: ١٢٤] فَلَوْلَا اشْتِمَالُهُ عَلَيْهِ لَمْ يَحْسُنْ التَّقْسِيمُ بَعْدَ ذَلِكَ وَمِمَّنْ حَكَى الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي " الْمُعْتَمَدِ " وَإِلْكِيَا الْهِرَّاسِيُّ فِي " التَّلْوِيحِ ". وَحَكَاهُ غَيْرُهُمَا عَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ، وَإِنَّهُمْ لِذَلِكَ قَالُوا: إنَّ الْمُرْتَدَّةَ لَا تُقْتَلُ، لِعَدَمِ دُخُولِهَا فِي قَوْلِهِ: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» ؛ لَكِنْ الْمَوْجُودُ فِي كُتُبِهِمْ أَنَّهَا تَعُمُّ الْجَمِيعَ، كَقَوْلِ الْجُمْهُورِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْبَزْدَوِيُّ وَشُرَّاحُ كِتَابِهِ. وَابْنُ السَّاعَاتِيِّ وَغَيْرُهُمَا. وَنَقَلَ فِي " الْمَحْصُولِ " الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ دَارِي مِنْ أَرِقَّائِي فَهُوَ حُرٌّ دَخَلَ فِيهِ الْإِمَاءُ، وَكَذَلِكَ لَوْ عَلَّقَ بِهَذَا اللَّفْظِ وَصِيَّةً أَوْ تَوْكِيلًا أَوْ إذْنًا فِي أَمْرٍ لَمْ يَخْتَصَّ بِالذُّكُورِ، وَكَانَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا لِهَذَا يُنْكِرُ حِكَايَةَ الْخِلَافِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ، وَقَدْ عَلِمْت مُسْتَنَدَهُ، ثُمَّ إنَّ إمَامَ الْحَرَمَيْنِ خَصَّ الْخِلَافَ بِمَا إذَا كَانَتْ شَرْطِيَّةً.

قَالَ الْهِنْدِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ " مَنْ " الْمَوْصُولَةِ وَالِاسْتِفْهَامِيَّة، وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي الْجَمِيعِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ بِنَاءً عَلَى عُمُومِهِنَّ، وَالْإِمَامُ إنَّمَا فَرَضَ الْخِلَافَ فِي الشَّرْطِيَّةِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ عُمُومَ غَيْرِهَا، ثُمَّ ذَكَرَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ أَنَّ مُسْتَنَدَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهَا لَا تَتَنَاوَلُ الْمُؤَنَّثَ قَوْلُهُمْ فِي بَابِ الْحِكَايَةِ: " مِنْ وَمِنْهُ " يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ لَا يَتَنَاوَلُ الْمُؤَنَّثَ إلَّا بِعَلَامَةِ تَأْنِيثٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>