وَالنُّونُ لِجَمْعِ الذُّكُورِ، فَالْمُؤْمِنَاتُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَاتِلُوا خِلَافُ " قَاتِلْنَ " ثُمَّ قَدْ تَقُومُ قَرَائِنُ تَقْتَضِي اسْتِوَاءَهُمَا فَيُعْلَمُ بِذَلِكَ دُخُولُ الْإِنَاثِ فِي الذُّكُورِ، وَقَدْ لَا تَقُومُ فَيَلْحَقْنَ بِالذُّكُورِ بِالِاعْتِبَارِ وَالدَّلَائِلِ، كَمَا يَلْحَقُ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ بِالْمَذْكُورِ بِدَلِيلٍ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى هَذَا إجْمَاعُ أَهْلِ اللُّغَةِ عَلَى أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ غُلِّبَ الْمُذَكَّرُ، فَلَوْلَا أَنَّ التَّسْمِيَةَ لِلْمُذَكَّرِ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْغَالِبَ، وَلَمْ يَكُنْ حَظُّهُ مِنْهَا كَحَظِّ الْمُؤَنَّثِ، وَلَكِنْ مَعْنَاهُ أَنَّهُمَا إذَا اجْتَمَعَا اسْتَقَلَّ أَفْرَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِوَصْفٍ، فَغُلِّبَ الْمُذَكَّرُ وَجُعِلَ الْحُكْمُ لَهُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ هُمْ الرِّجَالُ، وَالنِّسَاءُ تَوَابِعُ. انْتَهَى.
وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ وَسُلَيْمٌ فِي " التَّقْرِيبِ ": وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي " الْكِفَايَةِ " وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ "، وَإِلْكِيَا الْهِرَّاسِيُّ، وَنَصَرَهُ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي " الْوَجِيزِ "، وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي " التَّبْصِرَةِ " وَنَقَلَهُ فِي " الْأَوْسَطِ " عَنْ مُعْظَمِ الْفُقَهَاءِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ عَنْ مُعْظَمِ أَهْلِ اللُّغَةِ.
وَقَالَ الْقَاضِي إنَّهُ الصَّحِيحُ، قَالَ: وَلَسْت أَحْفَظُ عَنْ مُتَقَدِّمِي أَصْحَابِنَا شَيْئًا غَيْرَ أَنَّ ظَاهِرَ مَذَاهِبِهِمْ الدُّخُولُ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ كَمَا قَالَهُ سُلَيْمٌ، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ، وَابْنُ السَّاعَاتِيِّ، قُلْت: مِنْهُمْ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ، وَصَاحِبُ " اللُّبَابِ "، وَغَيْرُهُمْ، إلَى أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ وَحَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَحَكَاهُ الْبَاجِيُّ عَنْ ابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ، وَنُسِبَ لِلْحَنَابِلَةِ وَالظَّاهِرِيَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute