الْوَارِدَةِ مِنْ الشَّرْعِ لِقَرِينَةٍ عَلَيْهِ، وَهِيَ الْمُشَارَكَاتُ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، قَالَ: وَاتَّفَقَ الْكُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُذَكَّرَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَهُ إنْ وَرَدَ مُقْتَرِنًا بِعَلَامَةِ التَّأْنِيثِ، وَمِنْ أَقْوَى مَا احْتَجَّ بِهِ الْمُعَمِّمُونَ إجْمَاعُ أَهْلِ اللُّغَةِ عَلَى أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ غُلِّبَ الْمُذَكَّرُ، وَعَلَى هَذَا وَرَدَ قَوْله تَعَالَى: {اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا} [البقرة: ٣٨] فِي خِطَابِ آدَمَ وَحَوَّاءَ وَإِبْلِيسَ.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: هَذَا مَنْشَأُ الْخِلَافِ، وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ إرَادَةِ الشَّيْءِ مِنْ الشَّيْءِ إرَادَتُهُ مِنْهُ إذَا وَرَدَ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ، كَيْفَ وَالْوَاقِعُ مِنْ أَئِمَّةِ الْعَرَبِيَّةِ إنَّمَا هُوَ تَغْلِيبُ الْخِطَابِ لِلذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ إذَا اجْتَمَعُوا، وَأَنَّهُ يُغَلَّبُ جَانِبُ التَّذْكِيرِ، وَلَمْ يَذْكُرُوا أَنَّ اللَّفْظَةَ عِنْدَ إطْلَاقِهَا مَوْضُوعَةٌ لِتَنَاوُلِ الْجَمِيعِ. تَنْبِيهَاتٌ
الْأَوَّلُ: مَوْضِعُ الْخِلَافِ فِي الْخِلَافِ غَيْرِ الشِّفَاهِيِّ وَقِيَامِ الْقَرِينَةِ عَلَى الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ، أَمَّا الْخِطَابُ الشِّفَاهِيُّ كَقَوْلِهِ: أَعْطُوا هَؤُلَاءِ الْكُفَّارَ وَهُمْ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ دَخَلْنَ قَطْعًا، وَلَمْ يَخْتَلِفْ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْله تَعَالَى: {اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا} [البقرة: ٣٨] أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ حَوَّاءَ. وَأَمَّا الْقَرِينَةُ الْمُخْرِجَةُ، فَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥] فَقَدْ خَصَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِغَيْرِ النِّسَاءِ، لِنَهْيِهِ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ، وَأَمَّا الْقَرِينَةُ الْمُدْخِلَةُ فَكَقَوْلِهِ: «أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» ، فَإِنَّ الْمَعْنَى فِي اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ الْمِلْكُ، وَهُوَ شَامِلٌ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَلِهَذَا أَقَامَتْ عَائِشَةُ الْحَدَّ عَلَى أَمَةٍ لَهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute