وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: مَنْ قَالَ بِخُصُوصِهِ بِالْمُخَاطَبِينَ يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَبِرَ فِيهِ أَحْوَالَ الْمُخَاطَبِينَ، وَلَا يُدْخِلُ فِي خِطَابِهِمْ مَنْ لَيْسَ بِصِفَتِهِمْ إلَّا بِدَلِيلٍ مِنْ خَارِجٍ، وَهَذَا غَيْرُ الِاخْتِصَاصِ بِأَعْيَانِهِمْ، وَهُوَ أَعْلَى مَرْتَبَةً مِنْهُ، لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْأَعْيَانِ فِي الْأَحْكَامِ مَحْمُولٌ غَالِبًا غَلَبَةً كَثِيرَةً.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: لَا تُعْتَبَرُ أَحْوَالُهُمْ وَصِفَاتُهُمْ إلَّا أَنْ يُحْتَمَلَ اعْتِبَارُهَا لِمُنَاسَبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَالْأَلْيَقُ بِالتَّخْصِيصِ الْأَوَّلُ.
وَقَالَ فِي " شَرْحِ الْعُنْوَانِ ": الْخِلَافُ فِي أَنَّ خِطَابَ الْمُشَافَهَةِ هَلْ يَشْمَلُ غَيْرَ الْمُخَاطَبِينَ قَلِيلُ الْفَائِدَةِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ خِلَافٌ عِنْدَ التَّحْقِيقِ، لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُنْظَرَ إلَى مَدْلُولِ اللَّفْظِ لُغَةً، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَ الْمُخَاطَبِ، وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْحُكْمَ يَقْتَصِرُ عَلَى غَيْرِ الْمُخَاطَبِ إلَّا أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى الْعُمُومِ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ بِعَيْنِهَا، وَهَذَا بَاطِلٌ لِمَا عُلِمَ قَطْعًا مِنْ الشَّرِيعَةِ أَنَّ الْأَحْكَامَ عَامَّةٌ إلَّا حَيْثُ يَرِدُ التَّخْصِيصُ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ عَبَّرَ جَمَاعَةٌ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّ الْخِطَابَ مَعَ الْمَوْجُودِينَ فِي زَمَنِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا يَتَنَاوَلُ مَنْ بَعْدَهُمْ إلَّا بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ، وَذَكَرَهَا بَعْضُهُمْ أَخَصَّ مِنْ هَذَا وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِي: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، وَيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا، كَمَا ذَكَرْنَا.
وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: الْأَلْفَاظُ لَهَا حَالَتَانِ: تَارَةً تَكُونُ مَحْكُومًا بِهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute