للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ يَدْخُلُ فِي اللَّفْظِ فَهُوَ عَامٌّ إلَّا بِدَلِيلٍ يُخْرِجُهُ، وَنُقِلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ، وَاخْتَارَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ، وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَهُوَ بَعِيدٌ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى التَّعْبِيرِ بِالْكَبِيرِ عَنْ أَتْبَاعِهِ فَيَكُونُ مَجَازًا لَا حَقِيقَةً وَقَالَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ: قَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ: الْأُمَّةُ مَعَهُ بِشَرْعٍ فِي الْخِطَابِ الْمُخْتَصِّ، وَلِهَذَا قَالُوا: يَصِحُّ لَنَا النِّكَاحُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ، قَالَ: وَالْمُخْتَارُ أَنْ يُقَالَ: أَمَّا اللَّفْظُ فِي وَضْعِهِ فَمُخْتَصٌّ بِهِ، وَأَمَّا أَنَّ الصَّحَابَةَ هَلْ كَانُوا يَرَوْنَ أَنْفُسَهُمْ مِثْلًا لَهُ فِي الْخِطَابِ، فَلَسْنَا عَلَى ثَبْتٍ فِي ذَلِكَ، وَالْغَالِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُمْ مَا كَانُوا يَطْلُبُونَ مُشَارَكَتَهُ فِيمَا اخْتَصَّ بِهِ، فَأَمَّا مَا لَمْ تَظْهَرْ خَاصَّتُهُ فَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ.

وَفَصَّلَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: فَقَالَ: الصِّيغَةُ إمَّا أَنْ تَرِدَ فِي مَحَلِّ التَّخْصِيصِ أَوْ لَا، فَإِنْ وَرَدَتْ فَهُوَ خَاصٌّ، وَإِلَّا عَامٌّ، لِأَنَّا لَمْ نَجِدْ دَلِيلًا نَاطِقًا عَلَى التَّخْصِيصِ، وَلَا عَلَى التَّعْمِيمِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخِلَافَ حَيْثُ لَا يَظْهَرُ اخْتِصَاصُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنْ ظَهَرَ اخْتَصَّ بِالْإِجْمَاعِ فَلَا مَعْنَى لِهَذَا التَّفْصِيلِ، فَكَأَنَّ الْإِمَامَ يَقُولُ بِالْعُمُومِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَلِهَذَا نَقَلْنَاهُ عَنْهُ أَوَّلًا. وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ مُقَيَّدًا بِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: فِيمَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَقْصُودُ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَّا مَا قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْحُكْمِ غَيْرُهُ، وَأَتَى بِلَفْظِهِ لِجَلَالَةِ وُقُوعِ الْمُشَافَهَةِ مَعَهُ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: ٦٥] فَهَذَا لَا مَدْخَلَ لَهُ فِيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَا خِلَافٍ، وَعَلَى هَذَا فَذِكْرُ ابْنِ الْحَاجِبِ هَذِهِ الْآيَةَ فِي صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ لَيْسَ بِجَيِّدٍ، وَكَيْفَ يُحْتَجُّ بِمُخَاطَبَةِ الْأَنْبِيَاءِ بِذَلِكَ وَهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>