مَعْصُومُونَ، بَلْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِ، وَالْمُحَالُ يَصِحُّ فَرْضُهُ لِغَرَضٍ.
وَحَكَى ابْنُ عَطِيَّةَ عَنْ مَكِّيِّ وَالْمَهْدَوِيِّ أَنَّ الْخِطَابَ بِقَوْلِهِ: {فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [الأنعام: ٣٥] لِلنَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَالْمُرَادُ أُمَّتُهُ.
قَالَ: وَهَذَا ضَعِيفٌ، وَلَا يَقْتَضِيهِ اللَّفْظُ، وَارْتَكَبَ شَطَطًا فِي التَّأْوِيلِ، قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَعْلَمَ قَوْلَ اللَّهِ: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ} [الأنعام: ٣٥] وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ هَذَا وَنَحْوَهُ مِنْ بَابِ الْخِطَابِ الْعَامِّ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ. وَالْمَعْنَى اتِّفَاقُ جَمِيعِ الشَّرَائِعِ عَلَى ذَلِكَ، وَيُسْتَرَاحُ حِينَئِذٍ مِنْ إيرَادِ هَذَا السُّؤَالِ مِنْ أَصْلِهِ.
أَمَّا فِيمَا لَمْ يَظْهَرْ أَنَّ الْأُمَّةَ مَقْصُودَةٌ بِهِ، فَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ لَفْظِيَّةٌ عَلَى دُخُولِهِمْ فَلَا خِلَافَ فِي عُمُومِهِ، وَتَكُونُ الْقَرِينَةُ مُبَيِّنَةً أَنَّهُ عَبَّرَ بِلَفْظِهِ عَنْهُ، وَعَنْ غَيْرِهِ مَجَازًا، هَذَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ} [الطلاق: ١] الْآيَةَ فَإِنَّ ضَمِيرَ الْجَمْعِ فِي قَوْلِهِ: طَلَّقْتُمْ، وَطَلِّقُوهُنَّ، قَرِينَةٌ لَفْظِيَّةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأُمَّةَ مَقْصُودَةٌ مَعَهُ بِالْحُكْمِ، وَأَنَّهُ خُصَّ بِالْخِطَابِ لِكَوْنِهِ مَتْبُوعَهُمْ، وَلَوْلَا فَهْمُ عُمُومِهَا لِلْأُمَّةِ لَمَا افْتَتَحَ بِهَا.
وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْخِطَابِ نَوْعَانِ: نَوْعٌ مُخْتَصٌّ لَفْظُهُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَكِنْ يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، كَقَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} [التحريم: ١]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute