للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ أَخَذَ مِفْتَاحَ الْكَعْبَةِ، وَتَغَيَّبَ بِهِ، وَأَبَى أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقِيلَ: إنَّ عَلِيًّا أَخَذَهُ مِنْهُ، وَأَبَى أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ، فَنَزَلَتْ، فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ إيَّاهُ.

وَقَالَ: «خُذُوهَا يَا بَنِي طَلْحَةَ خَالِدَةً مُخَلَّدَةً فِيكُمْ أَبَدًا، لَا يَنْزِعُهَا مِنْكُمْ إلَّا ظَالِمٌ» فَقَوْلُهُ: " الْأَمَانَاتِ " قَرِينَةٌ مُشْعِرَةٌ بِالتَّعْمِيمِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ قَرِينَةٌ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مُعَرَّفًا بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ الْحَمْلُ عَلَى الْمَعْهُودِ، إلَّا أَنْ يُفْهَمَ مِنْ نَفْسِ الشَّارِعِ قَصْدُ تَأْسِيسِ قَاعِدَةٍ، فَيَكُونُ دَلِيلًا عَلَى الْعُمُومِ، وَإِنْ كَانَ الْعُمُومُ لَفْظًا آخَرَ غَيْرَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ، فَيَحْسُنُ أَنْ يَكُونَ هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ فَتَجْرِي فِيهِ الْأَقْوَالُ السَّابِقَةُ. وَيَزِيدُ هُنَا قَوْلٌ آخَرُ، وَهُوَ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الشَّارِعُ ذَكَرَ السَّبَبَ فِي كَلَامِهِ فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ، وَلَا يُشَارِكُهُ غَيْرُهُ، إلَّا إذَا وُجِدَ فِيهِ ذَلِكَ الْمَعْنَى، أَوْ يَلْحَقُ بِبَيَانِ: (حُكْمِي عَلَى الْوَاحِدِ حُكْمِي عَلَى الْجَمَاعَةِ) ، كَنَهْيِهِ عَنْ ادِّخَارِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ مَعَ قَوْلِهِ: «إنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ» ؛ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ مِنْ غَيْرِهِ، فَالِاعْتِبَارُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا السَّبَبِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: ١٨٧] فَإِنَّهُ عَلَى سَبَبِ الِاخْتِيَانِ، ثُمَّ يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ اخْتَانَ وَمَنْ لَمْ يَخْتَنْ، حَكَاهُ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ " وَالْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ، وَابْنُ فُورَكٍ، وَنَسَبَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ لِأَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ أَصْحَابِنَا، قَالَ: وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ: إنَّ سُقُوطَ قِيَامِ اللَّيْلِ مَخْصُوصٌ بِالْمَرَضِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ عِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>