لِلْمُجْمَلَاتِ، مُرَجِّحٌ لِبَعْضِ الْمُحْتَمَلَاتِ، وَمُؤَكِّدٌ لِلْوَاضِحَاتِ. قَالَ: فَلْيُتَنَبَّهْ لِهَذَا وَلَا يُغْلَطْ فِيهِ، وَيَجِبُ اعْتِبَارُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ وَالْقَرَائِنُ، لِأَنَّ بِذَلِكَ يَتَبَيَّنُ مَقْصُودُ الْكَلَامِ. وَصَرَّحَ فِي شَرْحِ الْعُنْوَانِ بِأَنَّ ذَلِكَ بَحْثٌ، وَكَلَامُ الْقَاضِي السَّابِقُ يَشْهَدُ لَهُ.
الثَّانِي: قَالَ الْمَازِرِيُّ: لَوْ خَرَجَتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْأَلِفِ وَاللَّامِ، هَلْ تَقْتَضِي الصِّيَغُ الَّتِي دَخَلَتْ عَلَيْهَا الْعُمُومَ، أَوْ تُحْمَلُ عَلَى الْعَهْدِ؟ لَكَانَ لَائِقًا، فَمَنْ يَقْصِرُ اللَّفْظَ عَلَى سَبَبِهِ يَجْعَلُهَا لِلْعَهْدِ، وَمَنْ يُعَمِّمُهُ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ ذَلِكَ الْخِلَافَ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ تَصْرِفُهُ إلَى الْعَهْدِ، وَالْقَائِلُونَ بِالتَّعْمِيمِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ هُمْ مُعْظَمُ الْأُصُولِيِّينَ، مَعَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ يَقْصِرُونَهُ عَلَى السَّبَبِ وَعَلَى مُقْتَضَى مَا قَالَهُ الْمَازِرِيُّ أَوْرَدَ بَعْضُ الْأَكَابِرِ سُؤَالًا، وَهُوَ أَنَّهُ كَيْفَ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ قَوْلِ النُّحَاةِ: إنَّهُ مَتَى أَمْكَنَ حَمْلُهَا عَلَى الْعَهْدِ لَا تُحْمَلُ عَلَى الْعُمُومِ، وَقَوْلِ الْأُصُولِيِّينَ: إنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا، لِأَنَّ الْعُمُومَ لَا يَنْحَصِرُ فِي الْأَلِفِ وَاللَّامِ؛ بَلْ لَهُ صِيَغٌ كَثِيرَةٌ، فَإِنْ أَوْرَدَ مَا إذَا كَانَتْ الصِّيغَةُ الْأَلِفَ وَاللَّامَ، قُلْنَا: إرَادَةُ الْعُمُومِ قَرِينَةٌ دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِلَفْظِهِ، فَيَعُمُّ إلَّا إذَا كَانَ فِي اللَّفْظِ مَا يَمْنَعُ الْعُمُومَ كَالْأَلِفِ وَاللَّامِ الْعَهْدِيَّةِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَهْدَ هُوَ الْأَصْلُ فِيهَا، وَإِنَّمَا يُصَارُ إلَى الْعُمُومِ عِنْدَ عَدَمِ الْعَهْدِ.
وَالْحَقُّ أَنَّ السُّؤَالَ غَيْرُ لَازِمٍ، لِأَنَّ الْأُصُولِيِّينَ لَمْ يَجْمَعُوا بَيْنَ الْمَقَالَتَيْنِ، وَلَمْ يُخَالِفُوا أَصْلَهُمْ، بَلْ الْأَصْلُ عِنْدَهُمْ فِي الْأَلِفِ وَاللَّامِ الْعُمُومُ، حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ، فَلِهَذَا لَمْ يُقْصِرُوهُ عَلَى سَبَبِهِ، وَعِنْدَ النُّحَاةِ الْأَصْلُ الْعَهْدُ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ، وَقَدْ سَبَقَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الصِّيَغِ أَنَّ مُعْظَمَ الْأُصُولِيِّينَ عَلَى أَنَّهَا لِلْعُمُومِ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ تَصْرِفُهَا إلَى الْعَهْدِ، وَأَنَّ الْمُخَالِفَ فِيهِ ابْنُ مَالِكٍ، وَأَنَّ إلْكِيَا الطَّبَرِيَّ نَقَلَهُ عَنْ سِيبَوَيْهِ. لَكِنْ فِي نِسْبَتِهِ لِجَمِيعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute