خُصُوصُهُ بِدَلِيلٍ، فَإِنْ عُلِمَ بِقَرِينَةِ حَالٍ إرَادَةُ الْخُصُوصِ، مِثْلُ: أَنْ يَقُولَ: كَلِّمْ زَيْدًا، فَيُقَالُ: وَاَللَّهِ لَا تَكَلَّمْت، فَيُفْهَمُ أَنَّهُ يُرِيدُ لَا تَكَلَّمْت مَعَهُ، فَلَا يُحْمَلُ فِي مِثْلِ هَذَا عَلَى التَّعْمِيمِ انْتَهَى.
وَفِي قَوْلِ الْقَاضِي: لَا خِلَافَ فِي قَصْرِهِ عَلَى السَّبَبِ نَظَرٌ، فَقَدْ سَبَقَ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ فِي: لَا أَشْرَبُ لَك مَاءً مِنْ عَطَشٍ، أَنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِ طَعَامِهِ، وَلُبْسِ ثِيَابِهِ، وَأَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَوْرِدِ الْيَمِينِ، وَهُوَ الْمَاءُ خَاصَّةً.
وَحَكَى الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ عَنْ " الْمُبْتَدِئِ " لِلرُّويَانِيِّ: أَنَّهُ لَوْ قِيلَ: كَلِّمْ زَيْدًا، فَقَالَ: وَاَللَّهُ لَا كَلَّمْته، انْعَقَدَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْأَبَدِ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْيَوْمَ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي طَلَاقٍ وَقَالَ أَرَدْت الْيَوْمَ، لَمْ يُقْبَلْ فِي الْحُكْمِ. وَقَالَ الْأَصْحَابُ فِيمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ صَدِيقُهُ، فَقَالَ: تَغَدَّ مَعِي، فَامْتَنَعَ فَقَالَ: إنْ لَمْ تَتَغَذَّ مَعِي فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، فَلَمْ يَفْعَلْ، لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لَوْ تَغَدَّى بَعْدَ ذَلِكَ مَعَهُ، وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ، فَإِنْ نَوَى الْحَالَ فَلَمْ يَفْعَلْ وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَهُوَ يُخَالِفُ قَوْلَ الْأُصُولِيِّينَ: إنَّ الْجَوَابَ الْمُسْتَقِلَّ بِنَفْسِهِ وَالْعُرْفُ يَقْضِي بِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ فِي حُكْمِهِ الَّذِي لَا يَسْتَقِلُّ بِوَضْعِهِ فَيَكُونُ عَلَى حَسَبِ السُّؤَالِ.
وَرَأَى الْبَغَوِيّ حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْحَالِ لِلْعَادَةِ، وَهُوَ يُوَافِقُ قَوْلَ، الْأُصُولِيِّينَ.
وَلَوْ دُعِيَ إلَى مَوْضِعٍ فِيهِ مُنْكَرٌ، فَحَلَفَ أَنَّهُ لَا يَحْضُرُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، فَإِنَّ الْيَمِينَ تَسْتَمِرُّ. وَإِنْ رُفِعَ الْمُنْكَرُ. كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي شَرْحِ الْإِلْمَامِ وَالْعُنْوَانِ: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا لَمْ يَقْتَضِ السِّيَاقُ التَّخْصِيصَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ السُّؤَالُ وَالْجَوَابُ مُنْشَؤُهُمَا يَقْتَضِي ذَلِكَ فَهُوَ مُقْتَضٍ لِلتَّخْصِيصِ بِلَا نِزَاعٍ، لِأَنَّ السِّيَاقَ مُبَيِّنٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute