للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّ الْمُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ لَا يُبَاحُ لَهُ التَّحْلِيلُ، لِأَنَّهُ لَا يَخَافُ الْفَوْتَ بِخِلَافِ الْحَجِّ، مَعَ أَنَّ آيَةَ الْإِحْصَارِ إنَّمَا نَزَلَتْ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُحْرِمٌ بِالْعُمْرَةِ، وَتَحَلَّلَ بِسَبَبِ الْإِحْصَارِ.

وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: قَوْلُهُمْ: إنَّ دُخُولَ السَّبَبِ قَطْعِيٌّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِيمَا إذَا دَلَّتْ قَرَائِنُ حَالِيَّةٌ أَوْ مَقَالِيَّةٌ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ يَشْمَلُهُ بِطَرِيقِ الْوَضْعِ لَا مَحَالَةَ، وَإِلَّا فَقَدْ يُنَازِعُ الْخَصْمُ فِي دُخُولِهِ وَضْعًا بِحَسَبِ اللَّفْظِ الْعَامِّ، وَيَدَّعِي أَنَّهُ قَصَدَ الْمُتَكَلِّمُ بِالْعَامِّ إخْرَاجَ السَّبَبِ وَبَيَانَ أَنَّهُ لَيْسَ دَاخِلًا فِي الْحُكْمِ، فَإِنَّ لِلْحَنَفِيَّةِ أَنْ يَقُولُوا فِي عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ: الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَإِنْ كَانَ وَارِدًا فِي أَمَةٍ، فَهُوَ وَارِدٌ لِبَيَانِ حُكْمِ ذَلِكَ الْوَلَدِ، وَبَيَانُ حُكْمِهِ إمَّا بِالثُّبُوتِ أَوْ الِانْتِفَاءِ فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْفِرَاشَ هِيَ الزَّوْجَةُ، لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي يُتَّخَذُ لَهَا الْفِرَاشُ غَالِبًا، وَقَالَ: الْوَالِدُ لِلْفِرَاشِ، كَانَ فِيهِ حَصْرُ أَنَّ الْوَلَدَ لِلْحُرَّةِ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ لَا يَكُونُ لِلْأَمَةِ، فَكَانَ فِيهِ بَيَانُ الْحُكْمَيْنِ جَمِيعًا نَفْيُ السَّبَبِ عَنْ الْمُسَبِّبِ، وَإِثْبَاتُهُ لِغَيْرِهِ، وَلَا يَلِيقُ دَعْوَى الْقَطْعِ هُنَا، وَذَلِكَ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ.

وَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ نِزَاعٌ فِي أَنَّ اسْمَ الْفِرَاشِ هَلْ هُوَ مَوْضُوعٌ لِلْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ الْمَوْطُوءَةِ أَوْ الْحُرَّةِ فَقَطْ؟ الْحَنَفِيَّةُ يَدَّعُونَ الثَّانِيَ، فَلَا عُمُومَ عِنْدَهُمْ لَهُ فِي الْأَمَةِ، فَتَخْرُجُ الْمَسْأَلَةُ عَنْ هَذَا الْبَحْثِ. نَعَمْ، قَالَهُ: «هُوَ لَك يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» يَقْتَضِي أَنَّهُ أَلْحَقَهُ بِهِ عَلَى حُكْمِ السَّبَبِ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِهِ الْفِرَاشَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>