لَمْ يَخْرُجْ عَلَى سَبَبٍ، وَيَقْنَعُ فِيهِ بِدَلِيلٍ أَخَفَّ وَأَضْعَفَ. وَقَدْ يُصْرَفُ بِقَرِينَةِ اخْتِصَاصٍ بِالْوَاقِعَةِ، وَيَأْتِي فِيهَا مَا ذُكِرَ فِي بَابِ التَّرَاجِيحِ.
التَّاسِعُ: لَك أَنْ تَسْأَلَ عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَبَيْنَ قَوْلِهِمْ: إنَّ الْحُكْمَ إذَا شُرِعَ لِحِكْمَةٍ أَوْ سَبَبٍ، ثُمَّ زَالَ ذَلِكَ السَّبَبُ، هَلْ يَبْقَى الْحُكْمُ تَمَسُّكًا بِعُمُومِ اللَّفْظِ أَوْ لَا يَبْقَى نَظَرًا لِلْعِلَّةِ؟ وَجْهَانِ مَذْكُورَانِ فِي اسْتِحْبَابِ الذَّهَابِ إلَى الْعِيدِ مِنْ طَرِيقٍ، الرُّجُوعِ مِنْ أُخْرَى. وَتَرْجِيحِهِمْ الْمَيْلَ إلَى تَعْمِيمِ الْحُكْمِ كَمَا فِي الرَّمَلِ، وَالِاضْطِبَاعِ فِي الطَّوَافِ. وَجَعَلَ الرَّافِعِيُّ مِنْهُ أَنَّ الْعَرَايَا لَا تَخْتَصُّ بِالْمَحَاوِيجِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِنْ كَانَ سَبَبٌ عَلَى الرُّخْصَةِ وَرَدَ فِي الْمَحَاوِيجِ تَمَسُّكًا بِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ.
الْعَاشِرُ: إذَا اعْتَبَرْنَا السَّبَبَ فَلَا يَنْبَغِي جَعْلُهُ مِنْ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ، بَلْ مِنْ الْعَامِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ، وَسَيَأْتِي الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا. فَائِدَةٌ
نُزُولُ الْآيَةِ لِمَحَلٍّ لَا يَقْتَضِي تَعَلُّقَهَا بِهِ، وَقَدْ يَخْرُجُ فِيهَا قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ، فَإِنَّهُ ذَهَبَ فِي الْقَدِيمِ إلَى أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ لَهُ صِيَامُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَنْ تَمَتُّعِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ} [البقرة: ١٩٦] إلَى قَوْله تَعَالَى: {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٦]
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي يَوْمِ التَّرْوِيَةِ، وَهُوَ الثَّامِنُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا أَيَّامَ التَّشْرِيقِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute