للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا عَرَفْت هَذَا فَالْآيَةُ لَا تَشْمَلُ إلَّا مَنْ وُجِدَ مِنْهُ الظِّهَارُ بَعْدَ نُزُولِهَا، لِأَنَّ نَفْيَ الشَّرْطِ مُسْتَقْبَلٌ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْمَاضِي، وَقَدْ أَوْجَبَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الْكَفَّارَةَ عَلَى أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ، وَذَلِكَ لَا شَكَّ فِيهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ السَّبَبُ.

وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ إثْبَاتَ أَحْكَامِ هَذِهِ الْآيَاتِ لِمَنْ وُجِدَ مِنْهُ السَّبَبُ قَبْلَ نُزُولِهَا لِأَنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ كَانَتْ مَعْلُومَةَ التَّحْرِيمِ، كَالسَّرِقَةِ وَالزِّنَى، وَوُجُوبُ الْحَدِّ فِيهِمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ، وَالْفَاعِلُ لَهَا قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ إذَا كَانَ هُوَ السَّبَبُ فِي نُزُولِهَا مِنْ حُكْمِ الْمُقَارِنِ لَهَا، لِأَنَّهَا نَزَلَتْ مُبَيِّنَةً لِحُكْمِهِ فَلِذَلِكَ ثَبَتَ حُكْمُهَا فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلَ، وَسَبَبُ النُّزُولِ حَاضِرٌ أَوْ فِي الْحُكْمِ الْحَاضِرِ، وَأَمَّا دَلَالَةُ الْفَاءِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ بِالْمُسْتَقْبَلِ فَقَدْ يُمْنَعُ.

الثَّامِنُ: أَنَّ الْعُمُومَ الْخَارِجَ مَخْرَجَ التَّشْرِيعِ أَوْلَى مِنْ الْخَارِجِ عَلَى سَبَبٍ، كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ» مَعَ قَوْلِهِ: «لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ» ، فَهَذَا خَرَجَ مَخْرَجَ التَّشْرِيعِ، وَالْأَوَّلُ أَمْكَنَ خُرُوجُهُ عَلَى سُؤَالِ سَائِلٍ تَرَكَ الرَّاوِي ذِكْرَ سَبَبِهِ قَالَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ.

وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: يَصِيرُ احْتِمَالُ التَّخْصِيصِ لِلْخَارِجِ عَلَى سَبَبٍ أَقْرَبَ مِمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>