وَقَالَ الشَّيْخُ فِي " شَرْحِ الْإِلْمَامِ ": يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ مَحَلُّ الْخِلَافِ بِالتَّخْصِيصِ بِمَا لَيْسَ لَهُ مَفْهُومٌ، كَاللَّقَبِ، فَأَمَّا مَا لَهُ مَفْهُومٌ كَالصِّفَاتِ، فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْمَفْهُومِ أَجَازُوا تَخْصِيصَ الْعُمُومِ بِهِ.
قُلْت: وَبِهِ صَرَّحَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ: إنَّ ذَلِكَ لَا يُخَصَّصُ أَمَّا إذَا كَانَ إفْرَادُ الْمَخْصُوصِ بِالذِّكْرِ عَلَى مَعْنَى نَفْيِ مُشَارَكَةِ غَيْرِهِ إيَّاهُ كَمَا رُوِيَ: «فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ زَكَاةٌ» ، وَرُوِيَ: «فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ» ، فَذِكْرُ السَّوْمِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الزَّكَاةِ فِيمَا لَيْسَتْ بِسَائِمَةٍ، وَكَأَنَّهُ قِيلَ: لَا زَكَاةَ إلَّا فِي السَّائِمَةِ، فَإِنْ لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إفْرَادَهُ بِالذِّكْرِ عَلَى مَعْنَى مُخَالَفَةِ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ لَهُ فِي حُكْمِهِ فَإِنَّهُ لَا يُجْعَلُ مُخَصَّصًا لِلْعُمُومِ، لِأَنَّ ذَلِكَ الْعُمُومَ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ.
قَالَ: وَلَوْلَا قِيَامُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: «إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا» عَلَى أَنَّهُ تَحْدِيدٌ لَدَخَلَ فِي جُمْلَةِ قَوْلِهِ: «الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» . انْتَهَى. وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الْمُلَخَّصِ: الْخِلَافُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ إذَا عُرِّيَ اللَّفْظُ الْخَاصُّ مِنْ وُجُودِ الْأَدِلَّةِ الَّتِي تَقْتَضِي الْمُنَافَاةَ سِوَى خُصُوصِهِ فِي ذَلِكَ الْمُسَمَّى، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يَخُصُّ الْعُمُومَ إلَّا فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُخْتَلَفُ فِيهَا، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute