وَيُقَالُ لَهُ: هَذَانِ الْخَبَرَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَامٌّ مِنْ وَجْهٍ، خَاصٌّ مِنْ وَجْهٍ. فَإِنَّ خَبَرَ السِّبَاعِ عَامٌّ فِي جُلُودِ السِّبَاعِ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَبَعْدَهُ، وَخَاصٌّ بِالسِّبَاعِ.
وَحَدِيثُ «أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ» ، عَامٌّ فِي كِلَيْهِمَا، وَخَاصٌّ بِالدِّبَاغِ، وَيَتَأَكَّدُ فِي مِثْلِهِ التَّرْجِيحُ بِأَمْرِهِ خَارِجٌ.
الثَّانِي: أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ الْخَاصُّ مَفْهُومُهُ مُوَافِقًا. فَإِنْ كَانَ مَفْهُومَ مُخَالَفَةٍ مِثْلُ: خَبَرِ الْقُلَّتَيْنِ، وَسَائِمَةِ الْغَنَمِ، بِالنِّسْبَةِ إلَى قَوْلِهِ: «لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» وَقَوْلِهِ: «فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ» وَنَحْوِهِ، فَهَذِهِ مَسْأَلَةُ تَخْصِيصِ الْعُمُومِ بِالْمَفْهُومِ، وَسَتَأْتِي.
وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ. فَقَالَ: فَأَمَّا إذَا كَانَ لِلْخَاصِّ، دَلِيلُ خِطَابٍ، فَإِنَّهُ يُخَصُّ بِهِ الْعُمُومُ، فَيَخْرُجُ مِنْهُ مَا تَنَاوَلَهُ دَلِيلُهُ، كَقَوْلِهِ: «فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ» مَعَ قَوْلِهِ: «فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ زَكَاةٌ» ، فَتَخْرُجُ الْمَعْلُوفَةُ مِنْ قَوْلِهِ: «فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ» . فَالْمَفْهُومُ كَالْمَنْطُوقِ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ، وَاللَّفْظُ الْخَاصُّ يُقْضَى بِهِ عَلَى الْعَامِّ، فَكَذَلِكَ هَاهُنَا. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: «إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» ، مَعَ قَوْلِهِ: «الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إلَّا مَا غَيَّرَهُ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute